الفضيلة على الدعة والسكون امتثالا لقوله تعالى وأمر أهلك بالصلاة الآية (قوله أنفسنا بيد الله أقتبس على ذلك من قوله تعالى الله يتوفى الأنفس حين موتها الآية و وقع في رواية حكيم المذكورة قال علي فجلست و أنا اعرك عيني و أنا أقول و الله ما نصلي إلا ما كتب الله لنا إنما أنفسنا بيد الله و فيه اثبات المشيئة لله و أن العبد لا يفعل شيئا الا بإرادة الله (قوله بعثنا) بالمثلثة أي أيقظنا و أصله إثارة الشئ من موضعه (قوله حين قلت) في رواية كريمة حين قلنا (قوله ولم يرجع) بفتح أوله أي لم يجبني و فيه أن السكوت يكون جوابا و الاعراض عن القول الذي لا يطابق المراد و أن كان حقا في نفسه (قوله يضرب فخده) فيه جواز ضرب الفخذ عند التأسف و قال بن التين كره احتجاجه بالآية المذكورة و أراد منه أن ينسب التقصير إلى نفسه و فيه جواز الانتزاع من القرآن و ترجيح قول من قال أن اللام في قوله وكان الإنسان للعموم لا لخصوص الكفار و فيه منقبة لعلي حيث لم يكتم ما فيه عليه أدنى غضاضه فقدم مصلحة نشر العلم و تبليغه على كتمه و نقل ابن بطال عن المهلب قال فيه أنه ليس للإمام أن يشدد في النوافل حيث قنع صلى الله عليه و سلم بقول علي رضي الله عنه أنفسنا بيد الله لأنه كلام صحيح في العذر عن التنفل و لو كان فرضا ما عذره قال و أما ضربه فخذه و قراءته الآية فدال على أنه ظن أنه أحرجهم فندم على انباههم كذا قال و أقره ابن بطال و ليس بواضح و ما تقدم أولى و قال النووي المختار أنه ضرب فخذه تعجبا من سرعة جوابه و عدم موافقته له على الاعتذار بما اعتذر به و الله أعلم و أما حديث عائشة الأول فيشتمل على حديثين أحدهما ترك العمل خشية افتراضه ثانيهما ذكر صلاة الضحى و هذا الثاني سيأتي الكلام عليه في باب من لم يصل الضحى وقوله في الأول أن بكسر الهمزة وهي المخففة من الثقيلة و فيها ضمير الشأن و قوله ليدع بفتح اللام أي يترك و قوله خشية بالنصب متعلق بقوله ليدع و قوله فيفرض بالنصب عطفا على يعمل و سيأتي الكلام على فوائده في الحديث الذي بعده و زاد فيه مالك في الموطأ قالت و كان يحب ما خف على الناس و أما حديث عائشة الثاني فهو بإسناد الذي قبله و قوله صلى ذات ليلة في المسجد تقدم معي صفة الصلاة من رواية عمرة عن عائشة أنه صلى في حجرته وليس المراد بها بيته و إنما المراد الحصير التي كان يحتجرها بالليل في المسجد فيجعلها على باب بيت عائشة فيصلى فيه و يجلس عليه بالنهار و قد ورد ذلك مبينا من طريق سعيد المقبري عن أبي سلمة عن عائشة و هو عند المصنف في كتاب اللباس و لفظه كان يحتجر حصيرا بالليل فيصلى عليه و يبسطه بالنهار فيجلس عليه و لأحمد من طريق محمد ابن إبراهيم عن أبي سلمة عن عائشة فأمرني أن انصب له حصيرا على باب حجرتي ففعلت فخرج فذكر الحديث قال النووي معنى يحتجر يحوط موضعا من المسجد بحصير يستره ليصلي فيه و لا يمر بين يديه مار ليتوفر خشوعه و يتفرغ قلبه و تعقبه الكرماني بأن لفظ الحديث لا يدل على أن احتجاره كان في المسجد قال و لو كان كذلك للزم منه أن يكون تاركا للأفضل الذي أمر الناس به حيث قال فصلوا في بيوتكم فإن أفضل صلاة المرء في بيته الا المكتوبة ثم أجاب بأنه أن صح أنه كان في المسجد فهو إذا احتجر صار كأنه بيت بخصوصيته أو أن السبب في كون صلاة التطوع في البيت أفضل عدم شوبه بالرياء غالبا و النبي صلى الله عليه و سلم منزه عن الرياء في بيته و في غير بيته (قوله ثم صلى من القابلة) أي من الليلة المقبلة و هو لفظ معمر عن بن شهاب عند أحمد
(٩)