ذلك والا لو كان للتعليم فقط لكفى فيه أمرهم بان يقولوا (قوله وما قدمت) أي قبل هذا الوقت وما أخرت عنه (قوله وما أسررت وما أعلنت) أي أخفيت و أظهرت أو ما حدثت به نفسي وما تحرك به لساني زاد في التوحيد من طريق ابن جريج عن سليمان و ما أنت أعلم به مني و هو من العام بعد الخاص أيضا (قوله أنت المقدم وأنت المؤخر) قال المهلب أشار بذلك إلى نفسه لأنه المقدم في البعث في الآخرة و المؤخر في البعث في الدنيا زاد في رواية ابن جريج أيضا في الدعوات أنت الهى لا إله لي غيرك قال الكرماني هذا الحديث من جوامع الكلم لان لفظ القيم إشارة إلى أن وجود الجواهر و قوامها منه و النور إلى أن الاعراض أيضا منه والملك إلى أنه حاكم عليها ايجادا واعدا ما يفعل ما يشاء و كل ذلك من نعم الله على عباده فلهذا قرن كلا منها بالحمد وخصص الحمد به ثم قوله أنت الحق إشارة إلى المبدأ و القول و نحوه إلى المعاش و الساعة و نحوها إشارة إلى المعاد و فيه الإشارة إلى النبوة و إلى الجزاء ثوابا و عقابا و وجوب الايمان و الاسلام و التوكل و الإنابة و التضرع إلى الله و الخضوع له انتهى و فيه زيادة معرفة النبي صلى الله عليه و سلم بعظمة ربه وعظيم قدرته ومواظبته على الذكر و الدعاء و الثناء على ربه و الاعتراف له بحقوقه و الاقرار بصدق وعده و وعيده و فيه استحباب تقديم الثناء على المسئلة عند كل مطلوب اقتداء به صلى الله عليه و سلم (قوله قال سفيان و زاد عبد الكريم أبو أمية) هذا موصول بالاسناد الأول و وهم من زعم أنه معلق و قد بين ذلك الحميدي في مسنده عن سفيان قال حدثنا سليمان الأحول خال ابن أبي نجيح سمعت طاوسا فذكر الحديث و قال في آخره قال سفيان و زاد فيه عبد الكريم ولا حول ولا قوة الا بك و لم يقلها سليمان وأخرجه أبو نعيم في المستخرج من طريق إسماعيل القاضي عن علي بن عبد الله بن المديني شيخ البخاري فيه فقال في آخره قال سفيان و كنت إذا قلت لعبد الكريم آخر حديث سليمان ولا اله غيرك قال ولا حول ولا قوة الا بالله قال سفيان و ليس هو في حديث سليمان انتهى ومقتضى ذلك أن عبد الكريم لم يذكر اسناده في هذه الزيادة لكنه على الاحتمال ولا يلزم من عدم سماع سفيان لها من سليمان ان لا يكون سليمان حدث بها و قد وهم بعض أصحاب سفيان فادرجها في حديث سليمان أخرجه الإسماعيلي عن الحسن بن سفيان عن محمد بن عبد الله بن نمير عن سفيان فذكرها في آخر الخبر بغير تفصيل و ليس لعبد الكريم أبى أمية و هو ابن أبي المخارق في صحيح البخاري الا هذا الموضع و لم يقصد البخاري التخريج له فلأجل ذلك لا يعدونه في رجاله وانما وقعت عنه زيادة في الخبر غير مقصودة لذاتها كما تقدم مثله للمسعودي في الاستسقاء وسيأتى نحوه للحسن بن عمارة في البيوع و علم المزي على هؤلاء علامة التعليق و ليس بجيد لان الرواية عنهم موصولة الا أن البخاري لم يقصد التخريج عنهم و من هنا يعلم أن قول المنذري قد استشهد البخاري بعبد الكريم أبى أمية في كتاب التهجد ليس بجيد لأنه لم يستشهد به الا ان أراد أبا لاستشهاد مقابل الاحتجاج فله وجه وأما قول بن طاهر ان البخاري و مسلما أخرجا لعبد الكريم هذا في الحج حديثا واحدا عن مجاهد عن ابن أبي ليلى عن علي في القيام على البدن من رواية عيينة عن عبد الكريم فهو غلط منه فان عبد الكريم المذكور هو الجزري و الله المستعان (قوله قال سفيان) هو موصول أيضا و انما أراد سفيان بذلك بيان سماع سليمان له من طاوس لا يراده له أو لا بالعنعنة و وقع في رواية الحميدي التصريح
(٤)