فأمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نشترك في الإبل والبقر كل سبعة منا في بدنة وبهذا قال الشافعي والجمهور سواء كان الهدي تطوعا أو واجبا وسواء كانوا كلهم متقربين بذلك أو كان بعضهم يريد التقرب وبعضهم يريد اللحم وعن أبي حنيفة يشترط في الاشتراك أن الريح كلهم متقربين بالهدي وعن زفر مثله بزيادة أن تكون أسبابهم واحدة وعن داود وبعض المالكية يجوز في هدي التطوع دون الواجب وعن مالك لا يجوز مطلقا واحتج له إسماعيل القاضي بأن حديث جابر إنما كان بالحديبية حيث كانوا محصرين وأما حديث ابن عباس فخالف أبا جمرة عنه ثقات أصحابه فرووا عنه أن ما استيسر من الهدي شاة ثم ساق ذلك بأسانيد صحيحة عنهم عن ابن عباس قال وقد روى ليث عن طاوس عن ابن عباس مثل رواية أبي جمرة وليث ضعيف قال وحدثنا سليمان عن حماد بن زيد عن أيوب عن محمد بن سيرين عن ابن عباس قال ما كنت أرى أن دما واحدا يقضي عن أكثر من واحد انتهى وليس بين رواية أبي جمرة ورواية غيره منافاة لأنه زاد عليهم ذكر الاشتراك ووافقهم على ذكر الشاة وإنما أراد ابن عباس بالاقتصار على الشاة الرد على من زعم اختصاص الهدي بالإبل والبقر وذلك واضح فيما سنذكره بعد هذا وأما رواية محمد عن ابن عباس فمنقطعة ومع ذلك لو كانت متصلة احتمل أن يكون ابن عباس أخبر أنه كان لا يرى ذلك من جهة الاجتهاد حتى صح عنده النقل بصحة الاشتراك فأفتى به أبا جمرة وبهذا تجتمع الأخبار وهو أولى من الطعن في رواية من أجمع العلماء على توثيقه والاحتجاج بروايته وهو أبو جمرة الضبعي وقد روى عن ابن عمر أنه كان لا يرى التشريك ثم رجع عن ذلك لما بلغته السنة قال أحمد حدثنا عبد الوهاب حدثنا مجاهد عن الشعبي قال سألت ابن عمر قلت الجزور والبقرة تجزئ عن سبعة قال يا شعبي ولها سبعة أنفس قال قلت فإن أصحاب محمد يزعمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سن الجزور عن سبعة والبقرة عن سبعة قال فقال ابن عمر لرجل أكذلك يا فلان قال نعم قال ما شعرت بهذا وأما تأويل إسماعيل لحديث جابر بأنه كان بالحديبية فلا يدفع الاحتجاج بالحديث بل روى مسلم من طريق أخرى عن جابر في أثناء حديث قال فأمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أحللنا أن نهدي ونجمع النفر منا في الهدية وهذا يدل على صحة أصل الاشتراك واتفق من قال بالاشتراك على أنه لا يكون في أكثر من سبعة إلا إحدى الروايتين عن سعيد بن المسيب فقال تجزئ عن عشرة وبه قال إسحق بن راهويه وابن خزيمة من الشافعية واحتج لذلك في صحيحه وقواه واحتج له ابن خزيمة بحديث رافع بن خديج أنه صلى الله عليه وسلم قسم فعدل عشرا من الغنم ببعير الحديث وهو في الصحيحين وأجمعوا على أن الشاة لا يصح الاشتراك فيها وقوله أو شاة هو قول الجمهور ورواه الطبري وابن أبي حاتم بأسانيد صحيحة عنهم ورويا بإسناد قوي عن القاسم بن محمد عن عائشة وابن عمر أنهما كانا لا يريان ما استيسر من الهدي إلا من الإبل والبقر ووافقهما القاسم وطائفة قال إسماعيل القاضي في الأحكام له أظنهم ذهبوا إلى ذلك لقوله تعالى والبدن جعلناها لكم من شعائر الله فذهبوا إلى تخصيص ما يقع عليه اسم البدن قال ويرد هذا قوله تعالى هديا بالغ الكعبة وأجمع المسلمون أن في الظبي شاة فوقع عليها اسم هدي (قلت) قد احتج بذلك ابن عباس فأخرج الطبري بإسناد صحيح إلى عبد الله بن عبيد بن عمير قال قال ابن عباس الهدي شاة فقيل له في ذلك فقال أنا قرأ عليكم من كتاب الله ما تقوون به
(٤٢٧)