وقد رواه الثوري عن أبي الزناد بالإسنادين مفرقا (قوله رأى رجلا) لم أقف على اسمه بعد طول البحث (قوله يسوق بدنة) كذا في معظم الأحاديث ووقع لمسلم من طريق بكير بن الأخنس عن أنس مر ببدنة أو هدية ولأبي عوانة من هذا الوجه أو هدي وهو مما يوضح أنه ليس المراد بالبدنة مجرد مدلولها اللغوي ولمسلم من طريق المغيرة عن أبي الزناد بينا رجل يسوق بدنة مقلدة وكذا من طريق همام عن أبي هريرة وسيأتي للمصنف في باب تقليد البدن أنها كانت مقلدة نعلا (قوله فقال اركبها) زاد النسائي من طريق سعيد عن قتادة والجوزقي من طريق حميد عن ثابت كلاهما عن أنس وقد جهده المشي ولأبي يعلى من طريق الحسن عن أنس حافيا لكنها ضعيفة (قوله ويلك في الثانية أو في الثالثة) وقع في رواية همام عند مسلم ويلك اركبها ويلك اركبها ولأحمد من رواية عبد الرحمن بن إسحاق والثوري كلاهما عن أبي الزناد ومن طريق عجلان عن أبي هريرة قال اركبها ويحك قال أنها بدنة قال اركبها ويحك زاد أبو يعلى من رواية الحسن فركبها وقد قلنا أنها ضعيفة لكن سيأتي للمصنف من طريق عكرمة عن أبي هريرة فلقد رأيته راكبها يساير النبي صلى الله عليه وسلم والنعل في عنقها وتبين بهذه الطرق أنه أطلق البدنة على الواحدة من الإبل المهداة إلى البيت الحرام ولو كان المراد مدلولها اللغوي لم يحصل الجواب بقوله أنها بدنة لأن كونها من الإبل معلوم فالظاهر أن الرجل ظن أنه خفي كونها هديا فلذلك قال أنها بدنة والحق أنه لم يخف ذلك على النبي صلى الله عليه وسلم لكونها كانت مقلدة ولهذا قال له لما زاد في مراجعته ويلك واستدل به على جواز ركوب الهدي سواء كان واجبا أو متطوعا به لكونه صلى الله عليه وسلم لم يستفصل صاحب الهدي عن ذلك فدل على أن الحكم لا يختلف بذلك وأصرح من هذا ما أخرجه أحمد من حديث علي أنه سئل هل يركب الرجل هديه فقال لا بأس قد كان النبي صلى الله عليه وسلم يمر بالرجال يمشون فيأمرهم يركبون هديه أي هدي النبي صلى الله عليه وسلم إسناده صالح وبالجواز مطلقا قال عروة بن الزبير ونسبه ابن المنذر لأحمد وإسحق وبه قال هل الظاهر وهو الذي جزم به النووي في الروضة تبعا لأصله في الضحايا ونقله في شرح المهذب عن القفال والماوردي ونقل فيه عن أبي حامد والبندنيجي وغيرهما تقييده بالحاجة وقال الروياني تجويزه بغير حاجة يخالف النص وهو الذي حكاه الترمذي عن الشافعي وأحمد وإسحق وأطلق ابن عبد البر كراهة ركوبها بغير حاجة عن الشافعي ومالك وأبي حنيفة وأكثر الفقهاء وقيده صاحب الهداية من الحنفية بالاضطرار إلى ذلك وهو المنقول عن الشعبي عند ابن أبي شيبة ولفظه لا يركب الهدي إلا من لا يجد منه بدا ولفظ الشافعي الذي نقله ابن المنذر وترجم له البيهقي يركب إذا اضطر ركوبا غير فادح وقال ابن العربي عن مالك يركب للضرورة فإذا استراح نزل ومقتضى من قيده بالضرورة أن من انتهت ضرورته لا يعود إلى ركوبها إلا من ضرورة أخرى والدليل على اعتبار هذه القيود الثلاثة وهي الاضطرار والركوب بالمعروف وانتهاء الركوب بانتهاء الضرورة ما رواه مسلم من حديث جابر مرفوعا بلفظ اركبها بالمعروف إذا ألجئت إليها حتى تجد ظهرا فإن مفهومه أنه إذا وجد غيرها تركها وروى سعيد بن منصور من طريق إبراهيم النخعي قال يركبها إذا أعيا قدر ما يستريح على ظهرها وفي المسئلة مذهب خامس وهو المنع مطلقا نقله ابن العربي عن أبي حنيفة وشنع عليه ولكن الذي نقله الطحاوي
(٤٢٩)