الجمرة بليل وغلسنا أي جئنا بغلس (قوله أذن للظعن) بضم الظاء المعجمة جمع ظعينة وهي المرأة في الهودج ثم أطلق على المرأة مطلقا وفي رواية أبي داود المذكورة إنا كنا نصنع هذا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي رواية مالك لقد كنا نفعل ذلك مع من هو خير منك تعني النبي صلى الله عليه وسلم واستدل بهذا الحديث على جواز الرمي قبل طلوع الشمس عند من خص التعجيل بالضعفة وعند من لم يخصص وخالف في ذلك الحنفية فقالوا لا يرمي جمرة العقبة إلا بعد طلوع الشمس فإن رمى قبل طلوع الشمس وبعد طلوع الفجر جاز وإن رماها قبل الفجر أعادها وبهذا قال أحمد وإسحق والجمهور وزاد إسحق ولا يرميها قبل طلوع الشمس وبه قال النخعي ومجاهد والثوري وأبو ثور ورأى جواز ذلك قبل طلوع الفجر عطاء وطاوس والشعبي والشافعي واحتج الجمهور بحديث ابن عمر الماضي قبل هذا واحتج إسحق بحديث ابن عباس ان النبي صلى الله عليه وسلم قال لغلمان بني عبد المطلب لا ترموا الجمرة حتى تطلع الشمس وهو حديث حسن أخرجه أبو داود والنسائي والطحاوي وابن حبان من طريق الحسن العرني وهو بضم المهملة وفتح الراء بعدها نون عن ابن عباس وأخرجه الترمذي والطحاوي من طرق عن الحكم عن مقسم عنه وأخرجه أبو داود من طريق حبيب عن عطاء وهذه الطرق يقوي بعضها بعضا ومن ثم صححه الترمذي وابن حبان وإذا كان من رخص له منع أن يرمي قبل طلوع الشمس فمن لم يرخص له أولى واحتج الشافعي بحديث أسماء هذا ويجمع بينه وبين حديث ابن عباس بحمل الأمر في حديث ابن عباس على الندب ويؤيده ما أخرجه الطحاوي من طريق شعبة مولى ابن عباس عنه قال بعثني النبي صلى الله عليه وسلم مع أهله وأمرني أن أرمي مع الفجر وقال ابن المنذر السنة أن لا يرمي إلا بعد طلوع الشمس كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم ولا يجوز الرمي قبل طلوع الفجر لأن فاعله مخالف للسنة ومن رمى حينئذ فلا إعادة عليه إذ لا أعلم أحدا قال لا يجزئه واستدل به أيضا على إسقاط الوقوف بالمشعر الحرام عن الضعفة ولا دلالة فيه لأن رواية أسماء ساكتة على الوقوف وقد بينته رواية ابن عمر التي قبلها وقد اختلف السلف في هذه المسئلة فكان بعضهم يقول من مر بمزدلفة فلم ينزل بها فعليه دم ومن نزل بها ثم دفع منها في أي وقت كان من الليل فلا دم عليه ولو لم يقف مع الإمام وقال مجاهد وقتادة والزهري والثوري من لم يقف بها فقد ضيع نسكا وعليه دم وهو قول أبي حنيفة وأحمد وإسحق وأبي ثور وروى عن عطاء وبه قال الأوزاعي لا دم عليه مطلقا وإنما هو منزل من شاء نزل به ومن شاء لم ينزل به وروى الطبري بسند فيه ضعف عن عبد الله بن عمرو مرفوعا إنما جمع منزل لدلج المسلمين وذهب ابن بنت الشافعي وابن خزيمة إلى أن الوقوف بها ركن لا يتم الحج إلا به وأشار ابن المنذر إلى ترجيحه ونقله ابن المنذر عن علقمة والنخعي والعجب أنهم قالوا من لم يقف بها فاته الحج ويجعل إحرامه عمرة واحتج الطحاوي بأن الله لم يذكر الوقوف وإنما قال فاذكروا الله عند المشعر الحرام وقد أجمعوا على أن من وقف بها بغير ذكر أن حجه تام فإذا كان الذكر المذكور في الكتاب ليس من صلب الحج فالموطن الذي يكون الذكر فيه أحرى أن لا يكون فرضا قال وما احتجوا به من حديث عروة بن مضرس وهو بضم الميم وفتح المعجمة وتشديد الراء المكسورة بعدها مهملة رفعه قال من شهد معنا صلاة الفجر بالمزدلفة وكان قد وقف قبل ذلك بعرفة ليلا أو نهارا فقد تم حجة لاجماعهم أنه لو بات بها ووقف ونام عن الصلاة فلم يصلها مع الإمام حتى فاتته أن حجه
(٤٢٢)