إلى غالب عادته وهو معنى قوله في رواية مالك الآتية بعد باب بلفظ فلم يسبغ الوضوء وأغرب ابن عبد البر فقال معنى قوله فلم يسبغ الوضوء أي استنجى به وأطلق عليه اسم الوضوء اللغوي لأنه من الوضاءة وهي النظافة ومعنى الإسباغ الإكمال أي لم يكمل وضوئه فيتوضأ للصلاة قال وقد قيل إنه توضأ وضوءا خفيفا ولكن الأصول تدفع هذا لأنه لا يشرع الوضوء لصلاة واحدة مرتين وليس ذلك في رواية مالك ثم قال وقد قيل إن معنى قوله لم يسبغ الوضوء أي لم يتوضأ في جميع أعضاء الوضوء بل اقتصر على بعضها واستضعفه أه وحكى ابن بطال أن عيسى بن دينار من قدماء أصحابهم سبق ابن عبد البر إلى ما اختاره أولا وهو متعقب بهذه الرواية الصريحة وقد تابع محمد بن أبي حرملة عليها محمد بن عقبة أخو موسى أخرجه مسلم بمثل لفظه وتابعهما إبراهيم بن عقبة أخو موسى أيضا أخرجه مسلم أيضا بلفظ فتوضأ وضوءا ليس بالبالغ وقد تقدم في الطهارة من طريق يزيد بن هارون عن يحيى بن سعيد عن موسى بن عقبة بلفظ فجعلت أصب عليه ويتوضأ ولم تكن عادته صلى الله عليه وسلم أن يباشر ذلك أحد منه حال الاستنجاء ويوضحه ما أخرجه مسلم أيضا من طريق عطاء مولى ابن سباع عن أسامة في هذه القصة قال فيها أيضا ذهب إلى الغائط فلما رجع صببت عليه من الإداوة قال القرطبي اختلف الشراح في قوله ولم يسبغ الوضوء هل المراد به اقتصر به على بعض الأعضاء فيكون وضوءا لغويا أو اقتصر على بعض العدد فيكون وضوءا شرعيا قال وكلاهما محتمل لكن يعضد من قال بالثاني قوله في الرواية الأخرى وضوءا خفيفا لأنه لا يقال في الناقص خفيف ومن موضحات ذلك أيضا قول أسامة له الصلاة فإنه يدل على أنه رآه يتوضأ وضوئه للصلاة الولاء ولذلك قال له أتصلي كذا قال ابن بطال وفيه نظر لأنه لا مانع أن يقول له ذلك لاحتمال أن يكون مراده أتريد الصلاة فلم لم تتوضأ وضوءها وجوابه بأن الصلاة أمامك معناه أن المغرب لا تصلى هنا فلا تحتاج إلى وضوء الصلاة وكأن أسامة ظن أنه صلى الله عليه وسلم نسي صلاة المغرب ورأى وقتها قد كاد أن يخرج أو خرج فأعلمه النبي صلى الله عليه وسلم أنها في تلك الليلة يشرع تأخيرها لتجمع مع العشاء بالمزدلفة ولم يكن أسامة يعرف تلك السنة قبل ذلك وأما اعتلال ابن عبد البر بأن الوضوء لا يشرع مرتين لصلاة واحدة فليس بلازم لاحتمال أنه توضأ ثانيا عن حدث طارئ وليس الشرط بأنه لا يشرع تجديد الوضوء إلا لمن أدى به صلاة فرضا أو نفلا متفق عليه بل ذهب جماعة إلى جوازه وإن كان الأصح خلافه وإنما توضأ أولا ليستديم الطهارة ولا سيما في تلك الحالة لكثرة الاحتياج إلى ذكر الله حينئذ وخفف الوضوء لقلة الماء حينئذ وقد تقدم شئ من هذا في أوائل الطهارة وقال الخطابي إنما ترك اسباغه حين نزل الشعب ليكون مستصحبا للطهارة في طريقه وتجوز فيه لأنه لم يرد أن يصلي به فلما نزل وأرادها أسبغه وقول أسامة الصلاة بالنصب على إضمار الفعل أي تذكر الصلاة أو صل ويجوز الرفع على تقدير حضرت الصلاة مثلا وقوله الصلاة أمامك بالرفع وأمامك بفتح الهمزة وبالنصب على الظرفية أي الصلاة ستصلى بين يديك أو أطلق الصلاة على مكانها أي المصلى بين يديك أو معنى أمامك لا تفوتك وستدركها وفيه تذكير التابع بما تركه متبوعه ليفعله أو يعتذر عنه أو يبين له وجه صوابه (قوله حتى أتى المزدلفة فصلى أي لم يبدأ بشئ قبل الصلاة ووقع في رواية إبراهيم ابن عقبة عند مسلم ثم سار حتى بلغ جمعا فصلى المغرب والعشاء وقد بينه في رواية مالك بعد باب
(٤١٦)