يصنعون في الجاهلية إلا أنه وقع فيها وهم غير هذا نبه عليه عياض فقال قوله لصنمين على شط البحر وهم فإنهما ما كانا قط على شط البحر وإنما كانا على الصفا والمروة إنما كانت مناة مما يلي جهة البحر انتهى وسقط من روايته أيضا اهلالهم أولا لمناة فكأنهم كانوا يهلون لمناة فيبدأون بها ثم يطوفون بين الصفا والمروة لأجل أساف ونائلة فمن ثم تحرجوا من الطواف بينهما في الإسلام ويؤيد ما ذكرناه حديث أنس المذكور في الباب الذي بعده بلفظ أكنتم تكرهون السعي بين الصفا والمروة فقال نعم لأنها كانت من شعار الجاهلية وروى النسائي بإسناد قوي عن زيد بن حارثة قال كان على الصفا والمروة صنمان من نحاس يقال لهما أساف ونائلة كان المشركون إذا طافوا تمسحوا بهما الحديث وروى الطبراني وابن أبي حاتم في التفسير بإسناد حسن من حديث ابن عباس قال قالت الأنصار إن السعي بين الصفا والمروة من أمر الجاهلية فأنزل الله عز وجل إن الصفا والمروة من شعائر الله الآية وروى الفاكهي وإسماعيل القاضي في الأحكام بإسناد صحيح عن الشعبي قال كان صنم بالصفا يدعى أساف ووثن بالمروة يدعى نائلة فكان أهل الجاهلية يسعون بينهما فلما جاء الإسلام رمى بهما وقالوا إنما كان ذلك يصنعه أهل الجاهلية من أجل أوثانهم فأمسكوا عن السعي بينهما قال فأنزل الله تعالى إن الصفا والمروة من شعائر الله الآية وذكر الواحدي في أسبابه عن ابن عباس نحو هذا وزاد فيه يزعم أهل الكتاب أنهما زنيا في الكعبة فمسخا حجرين فوضعا على الصفا والمروة ليعتبر بهما فلما طالت المدة عبدا والباقي نحوه وروى الفاكهي بإسناد صحيح إلى أبي مجلز نحوه وفي كتاب مكة لعمر بن شبة بإسناد قوي عن مجاهد في هذه الآية قال قالت الأنصار إن السعي بين هذين الحجرين من أمر الجاهلية فنزلت ومن طريق الكلبي قال كان الناس أول ما أسلموا كرهوا الطواف بينهما لأنه كان على كل واحد منهما صنم فنزلت فهذا كله يوضح قوة رواية أبي معاوية وتقدمها على رواية غيره ويحتمل أن يكون الأنصار في الجاهلية كانوا فريقين منهم من كان يطوف بينهما على ما اقتضته رواية أبي معاوية ومنهم من كان لا يقربهما على ما اقتضته رواية الزهري واشتركا الفريقان في الإسلام على التوقف عن الطواف بينهما لكونه كان عندهم جميعا من أفعال الجاهلية فيجمع بين الروايتين بهذا وقد أشار إلى نحو هذا الجمع البيهقي والله أعلم * (تنبيه) * قول عائشة سن رسول الله صلى الله عليه وسلم الطواف بين الصفا والمروة أي فرضه بالسنة وليس مرادها نفي فرضيتها ويؤيده قولها لم يتم الله حج أحدكم ولا عمرته ما لم يطف بينهما (قوله ثم أخبرت أبا بكر بن عبد الرحمن) القائل هو الزهري ووقع في رواية سفيان عن الزهري عند مسلم قال الزهري فذكرت ذلك لأبي بكر بن عبد الرحمن بن الحرث بن هشام فأعجبه ذلك (قوله إن هذا العلم) كذا للأكثر أي أن هذا هو العلم المتين وللكشميهني أن هذا لعلم بفتح اللام وهي المؤكدة وبالتنوين على أنه الخبر (قوله أن الناس إلا من ذكرت عائشة) إنما ساغ له هذا الاستثناء مع أن الرجال الذين أخبروه أطلقوا ذلك لبيان الخبر عنده من رواية الزهري له عن عروة عنها ومحصل ما أخبر به أبو بكر بن عبد الرحمن أن المانع لهم من التطوف بينهما أنهم كانوا يطوفون بالبيت وبين الصفا والمروة في الجاهلية فلما أنزل الله الطواف بالبيت ولم يذكر الطواف بينهما ظنوا رفع ذلك الحكم فسألوا هل عليهم من حرج إن
(٤٠٠)