الشديد على دينه وكانت قريش تسمى الحمس وكان الشيطان قد استهواهم فقال لهم إنكم إن عظمتم غير حرمكم استخف الناس بحرمكم فكانوا لا يخرجون من الحرم ووقع عند الإسماعيلي من طريقيه بعد قوله فما له خرج من الحرم قال سفيان الحمس يعني قريشا وكانت تسمى الحمس وكانت لا تجاوز الحرم ويقولون نحن أهل الله لا نخرج من الحرم وكان سائر الناس يقف بعرفة وذلك قوله ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس انتهى وعرف بهاتين الزيادتين معنى حديث جبير وكأن البخاري حذفهما استغناء بالرواية عن عروة لكن في سياق سفيان فوائد زائدة وقد روى بعض ذلك ابن خزيمة وإسحق بن راهويه في مسنده موصولا من طريق ابن إسحاق حدثنا عبد الله ابن أبي بكر عن عثمان بن أبي سليمان عن عمه نافع بن جبير عن أبيه قال كانت قريش إنما تدفع من المزدلفة ويقولون نحن الحمس فلا نخرج من الحرم وقد تركوا الموقف بعرفة قال فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في الجاهلية يقف مع الناس بعرفة على جمل له ثم يصبح مع قومه بالمزدلفة فيقف معهم ويدفع إذا دفعوا ولفظ يونس بن بكير عن ابن إسحاق في المغازي مختصرا وفيه توفيقا من الله له وأخرجه إسحق أيضا عن الفضل بن موسى عن عثمان بن الأسود عن عطاء بن جبير بن مطعم قال أضللت حمارا لي في الجاهلية فوجدته بعرفة فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم واقفا بعرفات مع الناس فلما أسلمت علمت أن الله وفقه لذلك وأما تفسير الحمس فروى إبراهيم الحربي في غريب الحديث من طريق ابن جريج عن مجاهد قال الحمس قريش ومن كان يأخذ مأخذها من القبائل كالأوس والخزرج وخزاعة وثقيف وغزوان وبني عامر وبني صعصعة وبني كنانة إلا بني بكر والأحمس في كلام العرب الشديد وسموا بذلك لما شددوا على أنفسهم وكانوا إذا أهلوا بحج أو عمرة لا يأكلون لحما ولا يضربون وبرا ولا شعرا وإذا قدموا مكة وضعوا ثيابهم التي كانت عليهم وروى إبراهيم أيضا من طريق عبد العزيز بن عمران المدني قال سموا حمسا بالكعبة لأنها حمساء حجرها أبيض يضرب إلى السواد انتهى والأول أشهر وأكثر وأنه من التحمس وهو التشدد قال أبو عبيدة معمر بن المثنى تحمس تشدد ومنه حمس الوغى إذا أشتد وسيأتي مزيد لذلك في الكلام على الحديث الذي بعده وأفادت هذه الرواية أن رواية جبير له لذلك كانت قبل الهجرة وذلك قبل أن يسلم جبير وهو نظير روايته أنه سمعه يقرأ في المغرب بالطور وذلك قبل أن يسلم جبير أيضا كما تقدم وتضمن ذلك التعقب على السهيلي حيث ظن أن رواية جبير لذلك كانت في الإسلام في حجة الوداع فقال انظر كيف أنكر جبير هذا وقد حج بالناس عتاب سنة ثمان وأبو بكر سنة تسع ثم قال إما أن يكونا وقفا بجمع كما كانت قريش تصنع وإما أن يكون جبير لم يشهد معهما الموسم وقال الكرماني وقفة رسول الله صلى الله عليه وسلم بعرفة كانت سنة عشر وكان جبير حينئذ مسلما لأنه أسلم يوم الفتح فإن كان سؤاله عن ذلك إنكارا أو تعجبا فلعله لم يبلغه نزول قوله تعالى ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس وإن كان للاستفهام عن حكمة المخالفة عما كانت عليه الحمس فلا إشكال ويحتمل أن يكون لرسول الله صلى الله عليه وسلم وقفة بعرفة قبل الهجرة انتهى ملخصا وهذا الأخير هو المعتمد كما بينته قبل بدلائله وكأنه تبع السهيلي في ظنه أنها حجة الوداع أو وقع له اتفاقا ودل هذا الحديث على أن المراد بقوله تعالى ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس الإفاضة من عرفة وظاهر سياق الآية أنها الإفاضة من مزدلفة لأنها
(٤١٢)