الكفار من مات بقتال المسلمين كأهل البغي و خرج بجميع ذلك من سمي شهيدا بسبب غير السبب المذكور و إنما يقال له شهيد بمعنى ثواب الآخرة و هذا كله على الصحيح من مذاهب العلماء و الخلاف في الصلاة على قتيل معركة الكفار مشهور قال الترمذي قال بعضهم يصلى على الشهيد و هو قول الكوفيين و إسحق و قال بعضهم لا يصلى عليه و هو قول المدنيين و الشافعي و أحمد و قال الشافعي في الأم جاءت الأخبار كأنها عيان من وجوه متواترة أن النبي صلى الله عليه و سلم لم يصل على قتلى أحد و ما روى أنه صلى عليهم و كبر على حمزة سبعين تكبيرة لا يصح و قد كان ينبغي لمن عارض بذلك هذه الأحاديث الصحيحة أن يستحيي على نفسه قال و أما حديث عقبة بن عامر فقد وقع في نفس الحديث أن ذلك كان بعد ثمان سنين يعني و المخالف يقول لا يصلى على القبر إذا طالت المدة قال و كأنه صلى الله عليه و سلم دعا لهم و استغفر لهم حين علم قرب أجله مودعا لهم بذلك و لا يدل ذلك على نسخ الحكم الثابت انتهى و ما أشار إليه من المدة و التوديع قد أخرجه البخاري أيضا كما سننبه عليه بعد هذا ثم أن الخلاف في ذلك في منع الصلاة عليهم على الأصح عند الشافعية و في وجه أن الخلاف في الاستحباب و هو المنقول عن الحنابلة قال الماوردي عن أحمد الصلاة على الشهيد أجود و أن لم يصلوا عليه أجزأ (قوله عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك عن جابر) كذا يقول الليث عن ابن شهاب قال النسائي لا أعلم أحدا من ثقات أصحاب ابن شهاب تابع الليث على ذلك ثم ساقه من طريق عبد الله بن المبارك عن معمر عن ابن شهاب عن عبد الله بن ثعلبة فذكر الحديث مختصرا و كذا أخرجه أحمد من طريق محمد ابن إسحاق و الطبراني من طريق عبد الرحمن بن إسحاق و عمرو بن الحرث كلهم عن ابن شهاب عن عبد الله بن ثعلبة و عبد الله له رؤية فحديثه من حيث السماع مرسل و قد رواه عبد الرزاق عن معمر فزاد فيه جابرا و هو مما يقوي اختيار البخاري فإن ابن شهاب صاحب حديث فيحمل على أن الحديث عنده عن شيخين و لا سيما أن في رواية عبد الرحمن بن كعب ما ليس في رواية عبد الله بن ثعلبة و علي ابن شهاب فيه اختلاف آخر رواه أسامة بن زيد الليثي عنه عن أنس أخرجه أبو داود و الترمذي و أسامة سئ الحفظ و قد حكى الترمذي في العلل عن البخاري أن أسامة غلط في إسناده و أخرجه البيهقي من طريق عبد الرحمن بن عبد العزيز الأنصاري عن ابن شهاب فقال عن عبد الرحمن بن كعب عن أبيه و ابن عبد العزيز ضعيف و قد أخطأ في قوله عن أبيه و قد ذكر البخاري فيه اختلافا آخر كما سيأتي بعد بابين (قوله ثم يقول أيهما) في رواية الكشميهني أيهم (قوله و لم يصل عليهم) هو مضبوط في روايتنا بفتح اللام و هو اللائق بقوله بعد ذلك و لم يغسلوا و سيأتي بعد بابين من وجه آخر عن الليث بلفظ و لم يصل عليهم و لم يغسلهم و هذه بكسر اللام و المعنى و لم يفعل ذلك بنفسه و لا بأمره و في حديث جابر هذا مباحث كثيرة يأتي استيفاؤها في غزوة أحد من المغازي أن شاء الله تعالى و فيه جواز تكفين الرجلين في ثوب واحد لأجل الضرورة أما بجمعهما فيه و أما بقطعه بينهما و على جواز دفن اثنين في لحد و على استحباب تقديم أفضلهما لداخل اللحد و على أن شهيد المعركة لا يغسل و قد ترجم المصنف لجميع ذلك * (تنبيه) * وقع في رواية أسامة المذكورة لم يصل عليهم كما في حديث جابر و في رواية عنه عند الشافعي و الحاكم و لم يصل على أحد غيره يعني حمزة و قال الدارقطني هذه اللفظة غير محفوظه يعني عن أسامة و الصواب
(١٦٨)