الدنيا و في مغازي الواقدي عن عائشة أنها رأت هند بنت عمرو تسوق بعيرا لها عليه زوجها عمرو بن الجموح و أخوها عبد الله بن عمرو بن حرام لتدفنهما بالمدينة ثم أمر رسول الله صلى الله عليه و سلم برد القتلى إلى مضاجعهم و أما قول الدمياطي إن قوله و عمى و هم فليس بجيد لأن له محملا سائغا و التجوز في مثل هذا يقع كثيرا و حكى الكرماني عن غيره أن قوله و عمى تصحيف من عمرو و قد روى أحمد بإسناد حسن من حديث أبي قتادة قال قتل عمرو بن الجموح و ابن أخيه يوم أحد فأمر بهما رسول الله صلى الله عليه و سلم فجعلا في قبر واحد قال ابن عبد البر في التمهيد ليس هو ابن أخيه و إنما هو ابن عمه و هو كما قال فلعله كان أسن منه (قوله فاستخرجته بعد ستة أشهر) أي من يوم دفنه و هذا يخالف في الظاهر ما وقع في الموطأ عن عبد الرحمن بن أبي صعصعة أنه بلغه أن عمرو بن الجموح و عبد الله بن عمرو الأنصاريين كانا قد حفر السيل قبرهما و كانا في قبر واحد فحفر عنهما ليغيرا من مكانهما فوجدا لم يتغيرا كأنهما ماتا بالأمس و كان بين أحد و يوم حفر عنهما ست و أربعون سنة و قد جمع بينهما ابن عبد البر بتعدد القصة و فيه نظر لأن الذي في حديث جابر أنه دفن أباه في قبر وحده بعد ستة أشهر و في حديث الموطأ أنهما وجدا في قبر واحد بعد ست و أربعين سنة فأما أن المراد بكونهما في قبر واحد قرب المجاورة أو أن السيل خرق أحد القبرين فصارا كقبر واحد و قد ذكر ابن إسحاق القصة في المغازي فقال حدثني أبي عن أشياخ من الأنصار قالوا لما ضرب معاوية عينه التي مرت على قبور الشهداء انفجرت العين عليهم فجئنا فأخرجناهما يعني عمرا و عبد الله و عليهما بردتان قد غطى بهما وجوههما و على أقدامهما شئ من نبات الأرض فأخرجناهما يتثنيان تثنيا كأنهما دفنا بالأمس و له شاهد بإسناد صحيح عند ابن سعد من طريق أبي الزبير عن جابر (قوله فإذا هو كيوم وضعته هنية غير أذنه) و قال عياض في رواية ابن السكن و النسفي غير هنية في أذنه و هو الصواب بتقديم غير و زيادة في و في الأول تغيير قال و معنى قوله هنية أي شيئا يسيرا و هو بنون بعدها تحتانية مصغرا و هو تصغير هنة أي شئ فصغره لكونه أثرا يسيرا انتهى و قد قال الإسماعيلي عقب سياقه بلفظ الأكثر إنما هو عند (قلت) و كذا وقع في رواية أبي ذر عن الكشميهني لكن يبقى في الكلام نقص و يبينه ما في رواية ابن أبي خيثمة و الطبراني من طريق عتبان بن مضر عن أبي سلمة بلفظ و هو كيوم دفنته الا هنية عند إذنه و هو موافق من حيث المعنى لرواية ابن السكن التي صوبها عياض و جمع أبو نعيم في روايته من طريق أبي الأشعث بين لفظ غير ولفظ عند فقال غير هنية عند إذنه و وقع في رواية الحاكم المشار إليها فإذا هو كيوم وضعته غير إذنه سقط منها لفظ هنية و هو مستقيم المعنى و كذلك ذكره الحميدي في الجمع في افراد البخاري و المراد بالاذن بعضها و حكى ابن التين أنه في روايته بفتح الهاء و سكون التحتانية بعدها همزة ثم مثناة منصوبة ثم هاء الضمير أي على حالته و قد أخرجه ابن السكن من طريق شعبة عن أبي مسلمة بلفظ غير أن طرف إذن أحدهم تغير و لابن سعد من طريق أبي هلال عن أبي مسلمة الا قليلا من شحمة إذنه و لأبي داود من طريق حماد ابن زيد عن أبي مسلمة الا شعرات كن من لحيته مما يلي الأرض و يجمع بين هذه الرواية و غيرها بان المراد الشعرات التي تتصل بشحمة الاذن و أفادت هذه الرواية سبب تغير ذلك دون غيره ولا يعكر على ذلك ما رواه الطبراني بإسناد صحيح عن محمد بن المنكدر عن جابر أن أباه قتل يوم أحد
(١٧٣)