لئن كان الموضع لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم دونهما فقد ظلما بدفنهما في موضع ليس لهما فيه حق، وإن كان الموضع لهما فوهباه لرسول الله صلى الله عليه وآله فقد أساءا وما أحسنا إذ رجعا في هبتهما ونكثا عهدهما، فأطرق أبو حنيفة ساعة ثم قال لم يكن له ولا لهما خاصة ولكنهما نظرا في حق عائشة وحفصة فاستحقا الدفن في ذلك الموضع بحقوق ابنتيهما فقال فضال قد قلت له ذلك فقال أنت تعلم أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم مات عن تسع حشايا ونظرنا فإذا لكل واحدة منهن في تسع الثمن ثم نظرنا في تسع الثمن فإذا هو شبر في شبر فكيف يستحق الرجلان أكثر من ذلك وبعد فما بال عائشة وحفصة ترثان رسول الله صلى الله عليه وآله وفاطمة بنته تمنع التراث؟ فقال أبو حنيفة يا قوم نحوه عني فوالله إنه رافضي خبيث انتهى. وإنما نقلناها ليظهر للناظر أنه لعدم أصل صحيح لهم في ذلك يهتدون به إلى الحق لم تزل تدق رؤسهم على الجدار فيجيبون عما يرد عليهم فيه على وجه الرمي في الظلام بالأجوبة المتناقضة الواهية. وأما ما ذكره فيه بقوله " وأيضا فالرأي في الحجر كما كان له صلى الله عليه وآله وسلم في حياته يكون لخليفته بعده " فمردود بأن خلافته لم تثبت فانتفى الاعتبار برأيه سيما الرأي المردود بينما ذكره من الاحتمالات السخيفة الباردة وإنا لله وإنا إليه راجعون إذا صارت الشرائع تشرع بمثل هذا الرأي. وأما ما زعمه من النقض بوصية الحسن عليه السلام أن يدفن معهم فجوابنا عنه ظاهر لأنه عليه السلام ما أوصى إلا بطوف جنازته حول قبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم تجديدا للعهد به فزعمت عائشة عند حمل جنازته ع إلى الروضة المتبركة النبوية، على مشرفها الصلاة والسلام والتحية، أنهم يريدون دفنه عنده ص فركبت على البغلة مع مروان وجماعة من أتباعه للمدافعة حتى جرى بينها وبين ابن العباس رضي الله عنه ما نقلناه سابقا وآل الأمر إلى أن رموا جنازة الحسن عليه السلام بالسهام، ووصل بعض النصال إلى بدنه الشريف عليه السلام، ومما ينبغي التنبيه عليه أن المراد
(١٦١)