دون عدة الوفاة ونحوها فإن المعتدة الغير الرجعية لا تستحق عندنا وعند فقهاء أهل السنة سكنى ولا نفقة وأيضا لا نسلم أن ما في حكم الشئ حكمه حكم ذلك الشئ بل الحكم بذلك تحكم على أن أكثر علمائنا ذهبوا إلى أن الزوجة إذا لم يكن لها ولد من الزوج المتوفى لا ترث عن رقبة الأرض شيئا ويعطى حصتها من قيمة الآلات والأبنية والشجر وذهب بعضهم إلى أنها إنما تمنع من الدور والمساكن وقيل ترث من قيمة الأرض لا من العين وعلى التقادير الثلاثة يدخل بيت المتوفى من حين موته في ملك من عدا تلك الزوجة من الوراث فاعتدادها فيها يكون غير جائز عندنا بدون إذن الوارث وأما ما استدل على كونهن في حكم المعتدات بقوله صلى الله عليه وآله وسلم " ما تركت بعد نفقة نسائي إلى آخره " ففيه أن النفقة والمؤنة لا تشمل البيت كما لا يخفى فلا دلالة له على مدعاه أصلا. وأما ما أجاب به عن الثاني من " أنه كان حجرة عائشة ملكها واختصاصها ولم يدفنا فيها إلا بإذنها إلى آخره " فمدفوع بما مر من عدم ثبوت الملكية وعدم جدوى الاختصاص، فإذنها لا يجدي لها ولا لهما الخلاص. ومما يناسب هذا المقام ما حكاه بعض مشايخنا من أن فضال بن الحسين الكوفي من أصحابنا مر بأبي حنيفة وهو في جمع كثير يملي عليهم شيئا من فقهه وحديثه فقال لصاحب كان معه والله لا أبرح أو أخجل أبا حنيفة فقال صاحبه إن أبا حنيفة قد علمت حاله وظهرت حجته قال مه، هل رأيت حجة علت على مؤمن؟
ثم دنا منه فسلم عليه فرد القوم السلام بأجمعهم فقال: يا أبا حنيفة رحمك الله إن لي أخا يقول إن خير الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وآله علي بن أبي طالب وأنا أقول إن أبا بكر خير الناس وبعده عمر فما تقول أنت رحمك الله؟ فأطرق مليا ثم رفع رأسه وقال كفى بمكانهما من رسول الله صلى الله عليه وآله كرما وفخرا أما علمت أنهما ضجيعاه في قبره؟ فأي حجة لك أوضح من هذه؟ فقال: له فضال إني قد قلت ذلك لأخي قال والله