بقاء حق الرهانة أصالة صحة البيع كي يتعارضان.
اللهم إلا أن يقال: إن جريان أصل العدم في سبق الإذن مبنى على تقدم الرجوع على البيع، كي يرتفع الإذن الصادر من المرتهن، وإلا لو كان الرجوع متأخرا عن البيع لا يبقى محل لجريان أصالة عدم سبق الإذن. والمفروض أن أصالة عدم تقدم الرجوع على البيع يجرى، ولكن يسقط بالمعارضة مع أصالة عدم تقدم البيع على الرجوع.
ففي الحقيقة أصالة عدم سبق الإذن يسقط بمعارضتها مع أصالة عدم تقدم الرجوع على البيع، إذ مفاد أصالة عدم سبق الإذن على البيع هو تقدم الرجوع عليه، فيتعارضان ويتساقطان، فلا تجري أصالة عدم سبق الإذن كي تكون مانعة عن جريان أصالة الصحة.
وأفاد في المسالك (1) - في وجه ترجيح أصالة بقاء الرهانة على أصالة الصحة في جانب البيع الصادر يقينا - بأن الرهانة سابقا قبل وجود البيع كانت معلوم الوجود، لوقوعها سابقا جامعة لجميع الشرائط، وإنما حصل الشك في طرو المبطل، وأما صحة البيع الواقع في الخارج فمشكوكة من أول وجوبه، ولم يكن البيع معلوم الصحة في زمان، فتكون أصالة بقاء الرهانة أقوى من هذه الجهة من أصالة الصحة.
ولكن أنت خبير بأن هذا الفرق كان فارقا وصحيحا لو كان مدرك أصالة الصحة هو استصحاب الصحة، لأن موضوع الاستصحاب هو اليقين بوجود شئ سابقا والشك في بقائه، وهذا المعنى في حق الرهانة في مورد البحث موجود، وليس في صحة البيع موجودا.
وأما لو لم يكن مدرك أصالة الصحة وموضوعها هو القطع بوجود شئ والشك في بقائه، بل كان المدرك لها هو بناء العقلاء على أن العمل المركب الذي صدر عن