ملكه أو بإذن المالك أو بإذن الله تعالى - ويعبر عن هذين الأخيرين بالأمانة، وأولها أمانة مالكية، وثانيهما أمانة شرعية - فيعتبر ذلك المال في ذمته، ولا يفرغ ذمته بل تكون مشغولة به إلى أن يؤديه، ففراغ ذمته يكون بأداء ما اعتبر في ذمته.
فبناء على هذا، ضمان العين عبارة عن اعتبار تلك العين في ذمة الضامن وعهدته، وأسباب ضمان العين مثل أسباب ضمان المال متعددة، ومن جملتها عقد الضمان بأن يقول أنا ضامن للعين الفلانية، فيعتبر تلك العين في عهدته وذمته، ولا يرتفع ولا تبرأ ذمته إلا بأداء ما في ذمته بردها إن كانت تلك العين موجودة، وبأداء مثلها أو قيمتها إن كانت تالفة، فضمان العين لا إشكال فيه في حد نفسه.
ولكن الإشكال هاهنا في شئ آخر، وهو أن الأعيان المضمونة - سواء كانت من جهة غصبها، أو من جهة كونها مقبوضة بالعقد الفاسد - لا تبرأ ذمة الضامن إلا بأداء عينها أو مثلها أو قيمتها، كل واحد في محلها.
فلو ضمنها شخص فإن كان ضمانة لها بعد أداء الضامن الأول لها بأحد الأنحاء الثلاثة المتقدمة فضمانها غير معقول، لأنه لم يبق في ذمته شئ كي يضمنه أحد.
وإن كان قبل أدائها فبالضمان لا تبرأ ذمته، بل الفراغ يكون مغيى في الحديث الشريف بالأداء بأحد الأنحاء الثلاثة المذكورة، فيجب الأداء على كل واحد منهما، مثل مورد تعاقب الأيادي، ويصح لصاحب العين المطالبة من كل واحد منهما.
وهذا خلاف إجماع الطائفة في معنى الضمان، ويكون موافقا لأصول غيرنا.
فظهر مما ذكرنا أن ضمان الأعيان المضمونة - سواء كانت مقبوضة بالعقد الفاسد أو مغصوبة بالمعنى المصطلح في الضمان - غير ممكن ولا يصح.
فرع: يجوز الترامي في الضمان، وهو أن يضمن شخص عما في ذمة الآخر فيأتي شخص آخر ويضمن عما في ذمة الضامن الأول، وهكذا أي يأتي ثالث ويضمن عما في