أمينا ويراه أنه لا يخون، والموضوع للولاية هو الشخص المقيد بكونه غير خائن، فإذا خان فليس هو بموضوع فقهرا ينعزل ولا تبقى وصاية له، فيجب على الحاكم نصب شخص أمين مراعاة لحق الصغار وأموال الصدقات كي لا تضيع ولا تعطل الوصايا، كما تقدم.
وبناء على هذا الوجه يكون كلام صاحب الشرائع " وجب على الحاكم عزله " غير مستقيم، ولا بد في تصحيحه من تأويل، كما صنعه صاحب الجواهر وقال: لعل المصنف - أي المحقق - يريد بعزل الحاكم منعه عن التصرف (1)، لا العزل بمعناه الحقيقي.
وجه الثاني: أي عدم السقوط وبقاء الوصاية والولاية حتى بعد الخيانة، هو أن الولاية أمر اعتباري مجعول من قبل الحاكم، فإذا لم تكن مشروطة بالعدالة فلا وجه لسقوطها بالخيانة التي هي ضد للعدالة، بل هو منصب من قبل الحاكم لا يرتفع إلا بعزل الحاكم، لأن أمر وضعه بيد الحاكم.
والوجه هو الأول، لأننا وإن لم نقل باعتبار العدالة في الوصي - بل الإسلام لو لم تكن إجماعات المدعات في المقام - ولكن الظاهر أن المجعول ليس هو هذا الإنسان مطلقا، بل هو مقيدا بأنه أمين غير خائن. وهذا من قبيل القيود الضمنية الارتكازية، فيكون متعلق الوصاية ضيقا من أول الأمر وفي حال الجعل. وهذا أمر ارتكازي عرفي في كل من يوصي إلى شخص أن إيصاءه إلى من هو أمين ولا يفرط فيما أوصى إليه، فهذا الارتكاز عند العرف بمنزلة التقييد اللفظي.
فرع: لا شك في أن الوصي أمين، والمال الذي في يده أمانة، فلو تلف في يده لا يضمن. وقاعدة " على اليد ما أخذت " لا تشمل اليد الأمانية، بل هي خارجة عن موردها تخصيصا أو تخصصا، لأن اليد في القاعدة إن لم تكن مقيدة فاليد الأمانية