التعدي عما عين له، فلو قال: أوصيت إلى فلان في إصلاح شؤون بستاني فلان، أو زرعي فلان، أو أداء ديوني أو استيفائها من المديونين، أو رد الأمانات التي من أربابها عندي إليهم، أو شؤون أولادي الصغار أو السفهاء منهم من حيث مساكنهم وملابسهم وما سوى ذلك من حوائجهم، فللوصي التصرف والتدخل فيما عينه له فقط وفيما أوصى إليه، دون سائر ما له الولاية فيها.
فلو أوصى إليه بأداء ديونه فقط، فليس له استيفاؤها من المديونين، وبالعكس أيضا كذلك، وذلك لأن حقيقة الوصية بالولاية استنابة من الموصى بعد موته في التصرف فيما كان له التصرف فيه، فإذا استنابه في عمل خاص، ليس له التجاوز عنه، فهي من هذه الجهة مثل الوكالة.
فكما أنه لو وكله في بعض أموره ليس له التصرف في الأمور الآخر، فلو وكله في بيع ما عنده من الحنطة ليس له بيع ما عنده من الشعير، أو وكله في شراء الفرش لداره ليس له شراء الغنم أو البقر لشرب حليبهما وهكذا، لأنهما - أي الوصية والوكالة - كلاهما استنابة في التصرف، فإذا تعدى في كليهما عما استنابه الموصي أو الموكل فيه، يكون تصرفاته حراما تكليفا إن كان تصرفا خارجيا في مالهما، وفاسدا وضعا إن كان من قبيل المعاملات التي يحتاج إلى إمضاء الشارع. وهذا واضح جدا.
فرع: الشروط المعتبرة في الوصي من بلوغه وإسلامه وحريته وعقله وعدالته - بناء على اعتبار هذه الشروط، لأن في اعتبار بعضها خلاف - هل يعتبر وجودها، أي اتصاف الوصي بها حال العقد، أو يكفي وجودها حال الوفاة وإن لم يكن وقت الإيصاء متصفا بها، ولكن صار متصفا بها حال وفاة الموصى.
مثلا لو أوصى إلى صبي كافر عبد مجنون، ولكن حال موت الموصى صار واجدا لتلك الصفات، أي صار بالغا مسلما حرا عاقلا عادلا - بناء على اعتبار العدالة -