أما القسم الأول فحيث أن المال تحت يده لمصلحة نفسه وإن كان بإذن المالك لا يعد محسنا، فقاعدة (ما على المحسنين من سبيل) (1) لا تشمله، فتجرى فيه قواعد باب القضاء.
ففي المستأجر والمستعير والمقارض والوكيل بجعل وأمثال ذلك مما يكون تحت يده بإذن المالك لمصلحة نفسه إذا ادعى الرد لا تقبل قوله إلا بالبينة، وتجرى قواعد باب القضاء من أن البينة على المدعي واليمين على من أنكر.
فرع: إذا رهن مالا مشاعا كنصف دار أو دكان مثلا، وأذن للمرتهن في قبضه وكونه في يده، ووقع النزاع بين المرتهن وشريك الراهن في إمساكه، فادعى كل واحد منهما أن يكون ذلك المال في يده ولم يرض الآخر بذلك، فرفعا الأمر إلى الحاكم، ينتزعه الحاكم ويقبضه لهما بنفسه، أو ينصب عدلا بأن يكون في يده لهما.
ولا فرق في صحة فعل الحاكم من قبض نفسه لهما أو نصب عدل بأن يقبض لهما بين أن يكون القبض لأجل أنه شرط لصحة الرهن، أو يكون للاستئمان. فإذا انتزعه الحاكم وقبضه بنفسه لهما أو قبض العدل لهما، يحصل القبض الذي هو شرط الصحة، من جهة أنه بعد ما كان قبض كل واحد منهما غير ممكن لوجود التشاح والتنازع، فيكون قبض الحاكم أو قبض من نصبه لذلك بمنزلة قبضهما، لأن الشارع جعل له مثل هذه الولاية بقوله عليه السلام: " فإني قد جعلته عليكم حاكما " (2).
فالحاكم منصوب لأجل قطع المنازعة والخصومة، وحيث أن قطع الخصومة والمنازعة في المقام لا يمكن إلا بأحد أمرين: إما مباشرته بنفسه في قبضه لأجل صحة