يستوفى ماله من المحال عليه، سواء كان عينا أو منفعة أو مالا، فكما يصح أن يحول من في ذمته شعيرا أو حنطة أو غنما أو فرسا أو درهما أو دينارا على غيره سواء كان له على ذمة ذلك الغير مثل ذلك أو كان بريئا، كذلك يجوز ويصح أن يحيل - من في ذمته خياطة ثوب مثلا أو بناء حائط أو قضاء صلاة أو صوم أو حج أو غيرها من العبادات أو من غير العبادات التي صار أجيرا ليأتي بها - شخصا آخرا، بشرط أن لا يشترط عليه المباشرة.
وكذلك الأمر لو كانت في ذمته منفعة، كسكنى دار مثلا، أو تمر نخلة، أو فاكهة شجرة أو حليب شاة، أو صافها مع ذكر أوصاف المذكورات لكي يرتفع الجهالة، فيصح في جميع المذكورات وما يشبهها إحالته على شخص آخر، وذلك من جهة قابلية هذه الأمور لنقلها أو تحويلها من ذمة إلى ذمة أخرى مع قبول المحال عليه ورضائه.
كل ذلك لإطلاق قوله صلى الله عليه وآله: " الزعيم غارم " وقد بينا أنه لا فرق فيما ذكر وشمول قوله صلى الله عليه وآله: " الزعيم غارم " بين أن تكون ذمة المحال عليه مشغولة للمحيل بمثل ذلك أو لا يكون.
فرع: إذا تحققت الحوالة تامة الأركان فهل تبرأ ذمة المحيل عن الدين بمحض وجود الحوالة، أو يكون موقوفا على أخذ المحتال عن المحال عليه واستيفائه منه؟
لا ينبغي أن يشك في أن مقتضى تعريف الحوالة بأنها عبارة عن تحويل ما في ذمته إلى ذمة غيره هو الأول، لأنه بعد التحويل وقبول المحتال ورضاء المحال عليه وإمضاء الشارع الأقدس هذا التحويل بقوله صلى الله عليه وآله: " الزعيم غارم " لا يبقى شئ في ذمته قهرا، وهذا عين براءة ذمته.
نعم يبقى الكلام في حال المحال عليه مع المحيل.
أقول: إن كان المحال عليه مديونا للمحيل بمثل ما أحال عليه، فبعد الحوالة عليه