فرع: ولو جرح الموصى نفسه عمدا بما فيه هلاكها، أي نوى قتل نفسه فأوجد السبب، سواء كان بالجرح بآلة قتالة أو بشرب السم أو غير ذلك، لم تصح وصيته إذا كانت في ماله. وأما إذا كانت في غير ماله كتجهيزه ودفنه في موضع كذا، فالظاهر صحته، لصحيحة أبي ولاد قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: " من قتل نفسه متعمدا فهو في نار جهنم خالدا فيها ". قلت له: أرأيت إن كان أوصى بوصية ثم قتل نفسه من ساعته تنفذ وصيته؟ قال: فقال عليه السلام: " إن كان أوصى قبل أن يحدث حدثا في نفسه من جراحة أو قتل أجيزت وصيته في ثلثه، وإن كان أوصى بوصية بعد ما أحدث في نفسه من جراحة أو قتل لعله يموت لم تجز وصيته " (1).
فهذه الصحيحة لها دلالة واضحة على من أوجد سبب قتله متعمدا لأجل أن يموت، ويسمى في عرف هذا العصر بالانتحار، ثم بعد ذلك أوصى وصية بشئ من ماله لم تقبل وصيته.
وأما لو أوصى أولا ثم أوجد سبب قتله، تجاز وصيته في ثلثه. وهذه الكلمة الأخيرة - أي ثلث ماله - تدل أن محل النفي والإثبات هو المال لا أمور الأخر.
وأيضا استدل بعضهم على عدم نفوذ وصية من قتل نفسه في الماليات بأنه سفيه، والسفيه محجور لا يجوز له أن يتصرف في أمواله.
أما أنه سفيه، فلأن إتلاف المال بلا مصلحة يكشف عن السفه، وإتلاف النفس عصيانا - لا فيما إذا كان راجحا كما في باب الجهاد - أولى بأن يكشف عنه السفه.
وأما أن السفه يوجب المنع من تصرفات السفيه في أمواله ومحجور ممنوع، فهذا دليله وتحقيقه في كتاب الحجر مذكور مفصلا.