الهبة تمليك في حال الحياة والوصية تمليك بعد الوفاة. وإن كان بعوض يدخل في باب المعاوضات كالبيع والإجارة وغيرهما، فكما لا ينكر أحد كون تلك المعاوضات والهبات من العقود فليكن الأمر في الوصية أيضا كذلك.
الثاني: أصالة عدم انتقال الموصى به إلى الموصى له مع احتمال أن يكون للقبول دخل فيه، وأما ادعاء القطع بعدم الدخل فمكابرة مع ذهاب المشهور إلى شرطيته.
الثالث: أن حصول الملك القهري خلاف الأصل، وأسبابه تعبدا كالإرث مثلا محصورة ليس منها إيقاع الوصية من دون قبول الموصى له.
وأما ادعاء أن إطلاقات الوصية تكفي لذلك.
ففيه: أن إطلاقات الوصية ليست بأعظم من إطلاقات سائر المعاملات، فكما أن تلك الإطلاقات لا تمنع عن الاحتياج إلى القبول في تحقق عناوين تلك المعاملات، فكذلك الأمر في الوصية.
والحاصل: أن ادعاء شمول إطلاقات الوصية - لإنشاء الوصية من قبل الموصى بدون صدور القبول من طرف الموصى له فحصول الملكية للموصى له لا يتوقف على قبوله - لا أساس له، بل هو عقد مركب من الإيجاب والقبول لا تحصل الوصية بالمعنى الاسم المصدري إلا بعد وجود كلا ركنية، كما أن البيع بالمعنى الاسم المصدري لا يوجد إلا بعد وجود الإيجاب والقبول جميعا.
فبناء على هذا رد الموصى له بعد موت الموصى قبل أن يقبل لو قلنا أنه يبطل الوصية - كما هو الأظهر بل المتفق عليه - ليس من قبيل الفسخ بحيث يكون حلا للعقد من حينه كما هو التحقيق في باب الفسخ، بل يكون مانعا عن تحققه لفقدان أحد ركنية، أي القبول.
فرع: وهو أنه بعد الفراغ من أنه عقد ويفتقر إلى الإيجاب والقبول، فالإيجاب