وأما ما يتوهم من أن حقيقة الضمان عبارة عن نقل ما في ذمة المضمون عنه إلى ذمة الضامن بجميع خصوصياته ومن دون تغيير فيه، فلو كان في ذمة المضمون حالا يأتي إلى ذمة الضامن حالا، وإن كان مؤجلا يأتي مؤجلا كما هو، من دون زيادة أو نقيصة في أجله.
ففيه: أن حقيقة الضمان هو التعهد بالمال الذي على عهدة المضمون عنه، وأما تقييد أدائه بكونه حالا أو مؤجلا بنفس أجل الدين الذي كان على عهدة المديون أي المضمون عنه أو بالأزيد أو بالأنقص منه، فهذا خارج عن حقيقة الضمان. وهذه القيود تابعة للشروط الواقعة في عقد الضمان برضاية الطرفين، والمؤمنون عند شروطهم.
وليس هذه الشروط تعليق في الضمان كي يكون باطلا، كما تقدم بيانه.
وفي جميع هذه الصور تبرأ ذمة المضمون عنه، وليس للدائن المطالبة عنه، لفراغ ذمته بعد تحقق الضمان صحيحا تام الأركان واجدا للشرائط، وينتقل المال إلى ذمة الضامن، ويكون عليه الأداء ولو كان الضامن ضمنه مؤجلا، سواء كان الدين حالا أم موجلا ليس للمضمون له مطالبة الضامن قبل حلول الأجل الذي رضيا به.
نعم لو مات الضامن حيث أن الدين المؤجل يحل بموت المديون وإن كان موته قبل حلول أجل الدين ويتعلق بتركته، يؤخذ من تركة الضامن، ويرجع ورثة الضامن على المضمون عنه بما أخذ من تركة مورثهم.
فرع: يجوز رجوع الضامن على المضمون عنه فيما أداه إذا كان الضمان بإذنه أو بطلبه، وأما إذا لم يكن بإذنه أو بطلبه، بل تبرع بالضمان من غير طلبه أو إذنه فلا رجوع.
إن قلت: قاعدة " احترام مال المسلم كاحترام دمه " تدل على أن الضامن يستحق على المضمون عنه مثل استحقاق المضمون له عليه.