ثم إنه من آثار وأحكام هذا القسم من الكفالة أنه لو أحضر أحدهم من عليه الحق يبرأ هو ويبرأ الآخرون أيضا. والوجه واضح، لأن الغرض من الكفالة ولو كانوا ألفا هو إحضار من عليه الحق، فإذا حصل هذا المعنى من أحدهم فقهرا يبرأ ذمة الباقين.
أما لو أحضر أحد الكفلاء من تعهد بإحضاره - أي الشخص الذي كفل به - فإن كان هو الكفيل الأول فبرئ ذمة الجميع، لأن من كفل به الكفيل الأول هو نفس من عليه الحق، وبينا آنفا أن بإحضاره تبرأ ذمته الجميع. وأما إن كان هو الكفيل الثاني فتبرأ ذمته وجميع من تأخر عنه في السلسلة، وأما ذمة الكفيل الأول فلا تبرأ، لأنه متعهد بإحضار من عليه الحق ولم يحضره.
وخلاصة الكلام: أن كل كفيل في هذه السلسلة - عددها أي مقدار كان - إذا أحضر من تكفل، لا تبرأ إلا ذمة نفسه وذمة من تأخر عنه من الكفلاء، وأما ذمة من تقدم عليه فلا. وأما لو كان المحضر هو الكفيل الأول حيث أن جميع الكفلاء متأخرون وليس كفيل متقدم عليه فتبرأ ذمة الجميع بإحضاره من تكفل عنه، وهو من عليه الحق.
فرع: يكره التعرض للكفالات، لروايات تدل على الكراهة:
منها: ما عن ابن أبي عمير، عن حفص بن البختري قال: أبطأت عن الحج فقال لي أبو عبد الله عليه السلام: " ما أبطأ بك عن الحج؟ " فقلت: جعلت فداك تكفلت برجل فخفر بي فقال: " مالك والكفالات، أما عملت أنها أهلكت القرون الأولى. ثم قال: إن قوما أذنبوا ذنوبا كثيرة فأشفقوا منها وخافوا خوفا شديدا، فجاء آخرون فقالوا: ذنوبكم علينا فأنزل الله عز وجل عليهم العذاب، ثم قال الله تبارك وتعالى خافوني