المقام الأول في الضمان بالمعنى الأخص وهو التعهد بمال في ذمة الغير من ذلك الغير من دون أن يكون له في ذمته مثله، وإلا لو كان في ذمة المضمون عنه للضامن مثل ما ضمنه يكون حوالة لا ضمانا في مصطلح الفقهاء، فيسمى المتعهد لذلك المال الذي في ذمة غيره ضامنا، وذلك الغير الذي على ذمته مال - أي المديون - مضمونا عنه، كما أنه يسمى الدائن مضمونا له.
وقد أثبتنا شرعيته بالأدلة المتقدمة التي كانت تشمل هذا الضمان بالمعنى الأخص وقسميه أي الحوالة والكفالة، فلا يحتاج إلى الإعادة.
والضمان بهذا المعنى عندنا ناقل، أي ينقل ما في ذمة المضمون عنه إلى ذمة الضامن، فيبرأ المضمون عنه ويسقط ما في ذمته وتشتغل ذمة الضامن بالدين.
وأما مخالفونا فيقولون بأنه لا تبرأ ذمة المضمون عنه بل تكون ذمته وذمة الضامن كلاهما مشغولتان، فيكون المضمون له مخيرا في مطالبة أي واحد منهما، لاشتغال ذمة كليهما له، ولذلك قالوا باشتقاق الضمان من الضم.
ويردهم - مضافا إلى صعوبة تصوير ضمانين لمال واحد بأن يكون كل واحد من الضامنين ضامنا لذلك المال في عرض ضمان الآخر، ولا يتوهم انتقاض ذلك بالقول بتعدد الضمان في باب تعاقب الأيادي، فإنه ضمان طولي لا عرضي، ولذلك قرار الضمان على من بيده التلف. والتفصيل ذكرناه في بعض القواعد المتقدمة من هذا الكتاب - ضمان أمير المؤمنين عليه السلام وأبي قتادة عن الميت الذي كان مديونا بدرهمين، فلم يصل عليه رسول الله صلى الله عليه وآله وقال: " صلوا على صاحبكم " فقال علي عليه السلام " هما على يا رسول الله وأنا لهما ضامن " فقام رسول الله صلى الله عليه وآله فصلى عليه، ثم أقبل صلى الله عليه وآله على علي عليه السلام،