المقصود من قوله تعالى (أو إثما) الوصية بالمعصية، ويكون استثناء عن حرمة التبديل والتغيير، أي لا يجوز تبديل الوصية وتغييرها إلا إذا كانت وصية بالمعصية، فتكون الآية بناء على هذا ظاهرة في عدم جواز الوصية بالمعصية وفي عدم صحتها.
ويدل على أن المراد من الآية هذا المعنى ما ورد في تفسير علي بن إبراهيم في تفسير هذه الآية قال علي بن إبراهيم: قال الصادق عليه السلام: " إذا أوصى الرجل بوصية فلا يحل للوصي أن يغير وصية يوصى بها، بل يمضيها على ما أوصى إلا أن يوصى بغير ما أمر الله فيعصى في الوصية ويظلم، فالموصى إليه جائز له أن يرده إلى الحق مثل رجل يكون له ورثة فيجعل ماله كله لبعض ورثته ويحرم بعضا، فالوصي جائز له أن يرده إلى الحق وهو قوله تعالى (جنفا أو إثما) فالجنف الميل إلى بعض ورثتك دون بعض، والإثم أن تأمر بعمارة بيوت النيران واتخاذ المسكر، فيحل للوصي أن لا يعمل بشئ من ذلك " (1).
فرع: عقد الوصية جائز من طرف الموصى، سواء كانت الوصية بمال أو كانت عهدية مثل أن يجعل شخصا وليا وقيما على صغاره، أو يوصى بدفنه في مكان كذا وأمثال ذلك من الوصايا، فللموصى الرجوع في وصيته متى شاء وما دام حيا.
والدليل عليه: أن الموصى ما دام حيا لا ينتقل المال إلى الموصى إليه وإن قلنا بجواز القبول في حال حياة الموصى وقد تقدم هذه المسألة، فالمال ماله ولم يخرج عن تحت سلطنته والناس مسلطون على أموالهم.
وأصالة اللزوم في العقود لا تشمله، إما لأن محل القبول بعد موت الموصى وقبله لا قبول فلا عقد، وإما لأنه وإن كان عقدا ويصح من الموصى له القبول ولكن هو خارج عن تحت تلك القاعدة بالإجماع، أو بورود روايات تدل على جواز رجوع