فإنها تزول بجميع مراتبها ولا يبقى منها شئ، فلا بد لرجوعها من سبب جديد.
اللهم إلا أن يقال: إن التوثق أيضا لا يزول بجميع مراتبه، بل تبقى مرتبة ضعيفة منه وهي إمكان تحصيل ماله ودينه منها ولو بتخليلها، وهذا عند العرف والعقلاء مرتبة من الاستيثاق من ماله، فإذا رجع إلى كونه ملكا يرجع إلى كونه رهنا ووثيقة تامة.
هذا وجه بقائه.
وأما وجه عدم بقائه هو زوال الملكية، فقهرا يزول كونها رهنا ووثيقة. ومما ذكرنا يظهر لك ما هو الحق في المقام، وهو بقاء مرتبة من الاستيثاق بعد أن صار العصير المرهون خمرا، بل المعروف هو أن كل عصير أرادوا أن يجعلوه خلا صار أولا خمرا ثم يصير خلا، فلو قلنا إن الرهانة تزول بصيرورة العصير خمرا ولا تعود بصيرورته خلا، يلزم منه عدم صحة جعل العصير - الذي بناؤهم على جعله خلا - رهنا من أول الأمر، لكونه لغوا لأنه تزول ولا تعود، وهو مما لا يمكن الالتزام به.
فرع: لو رهن على دينه مالا، ثم استدان من ذلك المرتهن دينا آخر، جاز جعل ذلك الرهن رهنا على الدين الثاني أيضا، فيكون رهنا على الاثنين. ولا فرق في ذلك بين أن يكون الدين الثاني مساويا مع الدين الأول في القدر والجنس، أو مخالفا معه في الاثنين، أو في أحدهما.
وذلك من جهة أنه كان له من أول الأمر أن يجعله رهنا على دينين في ذمته لشخص، فكذلك لا مانع من جعله رهنا عليهما بالتقديم والتأخير: بأن يجعله على أحدهما ثم يجعله على الآخر فيما بعد. ولا فرق أيضا بين أن يكون الدينان كلاهما موجودين في زمان الرهن الأول، أو وجد الثاني بعد الرهن الأول كما هو المفروض والمذكور في المقام، وجميع ذلك لعدم التنافي بين كونه رهنا أولا، وبين جعله رهنا ثانيا على الدين الثاني.