فرع: قال في الشرائع: ولو سلمه وكان المكفول له ممنوعا من تسلمه بيد قاهرة لم يبرأ الكفيل (1).
والمقصود من هذه العبارة أن الكفيل وإن أحضر المكفول - أي الغريم - وسلمه إلى المكفول له، لكن مثل هذا التسليم - الذي هو لا يقدر على تسلمه لوجود يد قاهرة مانعة عن السلم وأخذ الحق منه - في حكم العدم، لعدم ترتب الغرض عليه وهو استيفاء الدين عن الغريم، ولعل إطلاق الأدلة منصرفة عن مثل هذا التسليم.
أما لو كان الغريم المكفول محبوسا، فإما أن يكون محبوسا في حبس الحاكم الشرعي، فلا مانع من تسلمه واستيفاء الحق منه. وأما لو كان في حبس الظالم وليس مانعا عن تسلمه عن الكفيل واستيفاء الحق منه لأنه ربما يقدر الكفيل على ذلك، فلا وجه لإطلاق القول بعدم إمكانه، بل لا بد وأن يقيد الحكم بقدرة الكفيل على تسلميه وإمكان استيفاء الدين منه، والحكم بالعدم بعدم قدرته على ذلك.
فرع: إذا كان المكفول غائبا، فإما أن يعلم مكانه وليست أخباره منقطعة عن الكفيل، وكانت الكفالة حالة، أو حال أجلها وإن كانت مؤجلة، فطلب المكفول له إحضار المكفول وهو قادر على إحضاره، يجب عليه إحضاره، لأن هذا مقتضى عقد الكفالة ووجوب الوفاء به. ويجب أن يمهل بمقدار ذهابه وجلبه والإتيان به بنحو المتعارف، فإذا أتى به وسلمه تسليما تاما تبرأ ذمته، وإن تماطل يجوز للمكفول له حبسه بأمر الحاكم حتى يأتي به أو يؤدى ما عليه، كما تقدم.
وأما إن كان مكانه مجهولا وأخباره منقطعة، فلا يكلف الكفيل بإحضاره، لعدم قدرته على ذلك. ولكن هل يلزم الكفيل بأداء ما عليه أم لا؟
ربما يقال بعدم جواز إلزامه بذلك، لأنه تكفل إحضار نفسه وهو أمر غير مقدور،