أمر غير معلوم الصدور منهما، فيستصحب عدمه، فقول المالك الذي ينكر الرهانة ويقول وديعة مطابق للحجة الفعلية، فهو المنكر، إذ هذا هو الميزان في تشخيص المدعي والمنكر.
لا يقال: كما أن الأصل عدم كونه رهنا كذلك مقتضى الأصل عدم كونه وديعة فيتعارضان.
لأن عدم الوديعة في المقام لا أثر له، لأن الطرفين - أي المالك والقابض - معترفان بأنه ملك لزيد مثلا الذي يدعي أنه وديعة، وأيضا الطرفان معترفان بعدم ضمان اليد لو وقع التلف عليه.
فاستصحاب عدم كونه وديعة لا يثبت شيئا، بخلاف أصالة عدم كونه رهنا - بعد الفراغ عن كونه مال مدعى كونه وديعة - يثبت طلقيته عن قيد الرهانة، ويأخذه عن مدعى الرهينة متى شاء.
هذا، مضافا إلى صحيح محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام في رجل رهن عند صاحبه رهنا، فقال الذي عنده الرهن: أرهنته عندي بكذا وكذا، وقال الآخر: إنما هو عندك وديعة، فقال: " البينة على الذي عنده الرهن أنه بكذا وكذا، فإن لم يكن له بينة فعلى الذي له الرهن اليمين " (1).
ودلالة هذا الصحيح على مقالة المشهور، أي قبول قول من ينكر الرهن الذي هو المالك واضحة. وبعبارة أخرى: يدل على أن القابض الممسك للمتاع مدع وعليه البينة، والمالك المدعى أنه وديعة منكر للرهن فعليه اليمين أنه ليس برهن إن لم تكن بينة للقابض على أنه رهن.