أنكر بعضهم جريان الاستصحاب في الحكم الكلي، منهم سيدنا الأستاذ الأصفهاني قدس سره على ما ببالي، ولكن نحن حررنا المسألة في كتاب " منتهى الأصول " (1) في مبحث الاستصحاب في ذكر أقوال المفصلين في حجيته.
وإجمال ما ذكرنا هناك بطور الاختصار أن اتحاد القضيتين موضوعا ومحمولا وإن كان صحيحا لا مناص منه، ولكن الاتحاد بنظر العرف كاف وإن كانا بالدقة غير متحدين، وكذلك وإن كان بحسب ما أخذ موضوعا في لسان الدليل مختلفين، فالاتحاد بنظر العرف هو المناط في جريان الاستصحاب. وإن شئت التفصيل فراجع كتابنا " منتهى الأصول ".
والمثل المعروف لجريان استصحاب الكلي هو أنه لا شك في نجاسة الماء المتغير أحد أوصافه الثلاثة بالنجاسة، فإذا زال التغير من قبل نفسه فهل تبقى نجاسته، أو تجري فيه أصالة الطهارة؟ الصحيح هو الأول، ومدرك بقاء نجاسته هو استصحابها، فيأتي هذا الإشكال وهو أن الموضوع في القضية المتيقنة هو الماء المتغير بوصف التغير، وفي المشكوكة الماء الذي زال التغير من قبل نفسه لا بوصول المطهر إليه.
ولكن بعد ما كان بنظر العرف موضوع الحكم هو الماء، والتغير كان واسطة في الثبوت، أي كان علة الحكم، لا من قيود الموضوع كي ينتفي بانتفائه الحكم، وشك في أنه هل بحدوثه علة لحدوث الحكم الوضعي أي النجاسة وبقائه إلى أن يأتي المطهر أم لا، بل علة لحدوث الحكم وبقائه ما دام باقيا، وأما إن زال فلا دليل لا على بقاء النجاسة ولا على ارتفاعها، فبالاستصحاب يحكم ببقائها، فحدوث النجاسة بحدوث التغير وبقاؤها ببقائه، وأما إن زال التغير فلا دليل على بقائها إلا استصحابها، فهذا الاستصحاب لا مانع من جريانه.
فكذلك في المقام السلطنة التي كانت ثابتة للإنسان العاقل البالغ حال صحته