وهذه الطائفة من الروايات التي فيها أن المريض أعتق عبده أو عبيده ظاهرة في الوصية بالعتق، لا إنشاء العتق منجزا قبل وفاته وباعتبار حال حياته، والأخبار بلفظ الماضي تعبير عرفي، وكأن العرف - في باب وصايا المريض الذي حضره الوفاة - يرى المريض ميتا، للجزم بوقوعه قريبا، فيرى الموصى به أمرا واقعا لوقوع شرطه وما علق عليه، وهو الموت.
ولذلك إذا علموا بوصية مريض أنه أوصى بأن يعطوا بعد وفاته داره مثلا أو كتبه العلمية أو ألبسته لفلان يقولون: إنه أعطى هذه المذكورات لفلان.
والشاهد لما ذكرنا أن في بعض هذه الأخبار يقول عليه السلام كما في خبر أبي بصير المتقدم " إن أعتق رجل خادما له ثم أوصى بوصية أخرى ". وأنت ترى أن ظاهر هذه العبارة وقوله عليه السلام " ثم أوصى بوصية أخرى " أن الأول أي العتق أيضا وصية بالعتق، وإلا لا يبقى وجه للتعبير عن الوصية التي بعد العتق بوصية أخرى، فكلمة أخرى دليل على أن الأولى أيضا وصية.
فتدل هذه الكلمة على أن عرفهم في ذلك الزمان كان الإخبار من وقوع العتق بلفظ الماضي إيصاء بالعتق، فيسقط ظهور هذه الطائفة في العتق المنجز كي يكون دليلا على أن التبرعات المنجزة تخرج من الثلث، كما هو مدعي المستدل.
وظهر مما ذكرنا أن ما رواه المسالك عن الجمهور - أن رجلا من الأنصار أعتق ستة أعبد له في مرضه - من هذا القبيل، أي أن الأنصاري أوصى بعتق الستة أو دبر عتقهم، فإن المدبر عن الثلث كالوصية، وبذلك روايات وقد عقد في الوسائل بابا بهذا العنوان وأن المدبر ينعتق بعد الموت من الثلث (1) ففي تطبيق الثلث عليهم لا طريق إلا القرعة، وكذلك الأمر في خبر السكوني وقول أمير المؤمنين عليه السلام: " سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: يستسعى في ثلثي قيمته " إذا قلنا إن عتقه عند موته وصية ولا