الشك في محل النزاع أتى من قبل أن المرض الذي يقع فيه الموت هل يوجب نقصا وقصورا في سلطنة المريض كي لا تكون عقوده المنجزة مؤثرة في الأزيد من ثلث ماله، أم لا قصور ولا نقص فيه كي تكون مؤثرة في الجميع في الثلث وما زاد عليه؟
فعموم " الناس مسلطون على أموالهم " حيث يدل على السلطنة المطلقة التامة على جميع أموالهم في جميع الأحوال، صحيحا كان أم مريضا، وكذا بالنسبة إلى جميع الحالات الطارئة على المالك مثل السفر والحضر، فالمرسلة تدل على أن أي معاملة مشروعة - أي ممضاة - من قبل الشارع في حد نفسها إذا صدر عن المالك يجب ترتيب الأثر عليها والحكم بصحتها، لأن الشارع جعل المالك سلطانا عليها في جميع الحالات، إلا فيما إذا جاء الدليل على عدم سلطنته على تلك المعاملة في حال من الأحوال.
كما أن القائلين بعدم نفوذ المنجزات في الزائد على الثلث يدعون وجود الدليل على مثل ذلك التخصيص، وأنه ليس للمريض الذي يقع موته في ذلك المرض السلطنة على التبرع بماله بأزيد من الثلث إلا بإجازة الورثة، فإذا أثبتنا أنه ليس دليل على مثل ذلك التخصيص، فمقتضى أصالة العموم وأصالة الإطلاق في المرسلة أن السلطنة لجميع الملاكين ثابتة في جميع أموالهم في جميع الأحوال، سواء كانوا أصحاء أو كانوا مرضى.
وسنتكلم إن شاء الله تعالى في أن أدلة القائلين بمنع نفوذ منجزات المريض في أزيد من الثلث غير تام، فمقتضى الأصل أي عموم قاعدة السلطنة وإطلاقها بالنسبة إلى جميع الأحوال هو النفوذ وإن كان أزيد من الثلث.
ومنها: الأدلة العامة التي تدل على وجوب الوفاء بالعقود، كقوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود) (1) وقوله عليه السلام: " المؤمنون عند شروطهم " (2) بناء على شمول