العموم، وإلا فعدم قابلية المحل كلام لا أساس له. وهكذا الأمر في عمومات كل واحد من العناوين التبرعية، أو المعاملات المحاباتية الدالة على نفوذ تلك المعاملة لو لم تكن نافذة في مورد لا بد وأن يكون لوجود مخصص، لا لعدم قابلية المحل، فحديث عدم قابلية المحل في هذه الموارد كلام لا أساس له، وإن كان أستاذنا المحقق العراقي قدس سره مصرا عليه، فلا حاجة إلى أصالة عدم حدوث حق للورثة، لإجراء قاعدة السلطنة، أو التمسك بعمومات وجوب الوفاء بالعقود، أو عمومات نفس المعاملات المحاباتية، أو العناوين التبرعية الصادرة عن المريض الذي يموت في ذلك المرض.
وأما الثاني أي الأصول العملية:
فالأصل الذي يمكن جريانها - في نفس المسألة أي لإثبات نفوذ التبرعات في الزائد على الثلث من دون إجازة الوارث، أو عدم نفوذها وتوقفه على إجازة الورثة - هو الاستصحاب. وهو على قسمين: تنجيزي، وتعليقي.
أما [القسم] الأول، فهو أيضا على قسمين: كلي وشخصي.
فالأول - أي الاستصحاب الكلي التنجيزي - هو أن يقال: إن الإنسان العاقل البالغ الصحيح الرشيد، غير المحجور عليه من جهة أحد أسباب الحجر، يقينا له السلطنة على ماله وينفذ جميع تصرفاته المباحة، فإذا زالت عنه الصحة وصار مريضا بمرض مات فيه شككنا في بقاء سلطنته، فيشمله قوله عليه السلام: " لا تنقض اليقين بالشك " فينتج الاستصحاب بقاء السلطنة ونفوذ التصرفات في حال المرض أيضا.
لا يقال: إن اتحاد قضية المتيقنة مع المشكوكة موضوعا ومحمولا شرط في جريان الاستصحاب، وها هنا ليس كذلك، فإن الموضوع في القضية المتيقنة هو الإنسان العاقل الصحيح، وفي المشكوكة هو المريض.
قلت: هذا الإشكال يأتي في جميع الاستصحابات في الحكم الكلي، ولأجل ذلك