ليلة أو ليلتين فيجده وفيه سهمه، قال: إذا وجدت سهمك ولم تجد فيه أثر غيره وعلمت أن سهمك قتله فكله رواه أحمد والنسائي. وفي رواية قال قلت: يا رسول الله أرمي الصيد فأجد فيه سهمي من الغد، قال: إذا علمت أن سهمك قتله ولم تر فيه أثر سبع فكل رواه الترمذي وصححه.
حديث عدي الأول له طرق هذه أحدها وقد تقدم بعضها والرواية الأخرى من حديث عدي أخرجها أيضا أبو داود. قوله: يحل لكم ما ذكيتم وما ذكرتم اسم الله عليه فيه دليل على أن التسمية واجبة لتعليق الحل عليها، وقد تقدم الخلاف في ذلك، وسيأتي له مزيد. قوله: فكله ما لم ينتن جعل للغاية أن ينتن الصيد، فلو وجده في دونها مثلا بعد ثلاث ولم ينتن حل، فلو وجده دونه وقد أنتن فلا، هذا ظاهر الحديث. وأجاب النووي بأن النهي عن أكله إذا أنتن للتنزيه، وظاهر الحديث التحريم، ولكنه سيأتي في باب ما جاء في السمك أن الحبيش أكلوا من الحوت التي ألقاها البحر نصف شهر، وأهدوا عند قدومهم للنبي صلى الله عليه وآله وسلم منه فأكله، واللحم لا يبقى في الغالب مثل هذه المدة بلا نتن لا سيما في الحجاز مع شدة الحر، فلعل هذا الحديث هو الذي استدل به النووي على كراهة التنزيه، ولكنه يحتمل أن يكونوا ملحوه وقددوه فلم يدخله النتن. وقد حرمت المالكية المنتن مطلقا وهو الظاهر.
قوله: إلا أن تجده قد وقع في ماء وجهه أنه يحصل حينئذ التردد هل قتله السهم أو الغرق في الماء؟ فلو تحقق أن السهم أصابه فمات فلم يقع في الماء إلا بعد أن قتله السهم حل أكله. قال النووي في شرح مسلم: إذ وجد الصيد في الماء غريقا حرم بالاتفاق انتهى. وقد صرح الرافعي بأن محله ما لم ينته الصيد بتلك الجراحة إلى حركة المذبوح، فإن انتهى إليها كقطع الحلقوم مثلا فقد تمت ذكاته، ويؤيده ما قاله بعد ذلك: فإنك لا تدري الماء قتله أو سهمك فدل على أنه إذا علم أن سهمه هو الذي قتله أنه يحل. قوله: إذا أوحاه قد تقدم ضبطه وتفسيره في الباب الذي قبل هذا. قوله:
ليس به إلا أثر سهمك مفهومه أنه إن وجد فيه أثر غير سهمه لا يؤكل، وهو نظير ما تقدم في الكلب من التفصيل فيما إذا خالط الكلب الذي أرسله الصائد كلب آخر، لكن التفصيل في مسألة الكلب فيما إذا شارك الكلب في قتله كلب آخر، وهنا الأثر الذي يوجد فيه من غير سهم الرامي أعم من أن يكون أثر سهم رام آخر، أو