من السكين في اللحم) وقال الكاظم (ع): (حق على الله ألا يعصى في دار إلا أضحاها للشمس حتى يطهرها) 38.
والأخبار في هذا المعنى أكثر من أن تحصى، ولا يتوهم أحد أنه يمكن ألا يصل إليه أثر الذنب ووباله، فإن هذا محال. فإنه لم يتجاوز عن الأنبياء في تركهم الأولى. يتجاوز عن غيرهم في كبائر المعاصي.
نعم، كانت سعادتهم في أن عوجلوا بالعقوبة ولم يؤخروا إلى الآخرة، والأشقياء يمهلون ليزدادوا إثما، ويعذبوا في الآخرة عذابا أكبر وأشد، أما سمعت أن أباك آدم قد أخرج من الجنة بتركه الأولى؟ حتى روي:
(أنه لما أكل الشجرة تطايرت الحلل عن جسده وبدت عورته، وجاء جبرئيل (ع) وأخذ التاج من رأسه وخلا الإكليل عن جنبيه، ونودي من فوق العرش إهبطا من جواري، فإنه لا يجاورني من عصاني فالتفت آدم إلى حواء باكيا، وقال: هذا أول شؤم المعصية، أخرجنا من جوار الحبيب). وروي: (أنه - تعالى - قال: يا آدم! أي جار كنت لك؟
قال: نعم الجار يا رب! قال يا آدم! أخرج من جواري وضع عن رأسك كرامتي، فإنه لا يجاورني من عصاني). وقد روي: (أن آدم بكى على ذنبه مائتي سنة، حتى قبل الله توبته وتجاوز عما ارتكبه من ترك الأولى). فإن كانت مؤاخذته في نهي تنزيهه مع حبيبه وصفيه هكذا، فكيف معاملته مع الغير في ذنوب لا تحصى.
وصل التوبة وتعريفها ضد الإصرار (التوبة)، وهي الرجوع من الذنب القولي والفعلي والفكري، وبعبارة أخرى: هي تنزيه القلب عن الذنب والرجوع من البعد إلى القرب، وبعبارة أخرى: ترك المعاصي في الحال والعزم على تركها في الاستقبال وتدارك ما سبق من التقصير. وكما أن الإصرار على العصيان من رذائل قوتي الغضب والشهوة، فالرجوع عنه وتركه من فضائلهما، بمعنى