قال: نعم، بعد خمسة عشر يوما! قال: فما تريد من الرجل؟
قال: أريد كري بغلي فقد حبسه علي خمسة عشر يوما. فقال: إني ما أرى لك حقا، لأنه اكتراه إلى قصر بني هبيرة فخالف فركبه إلى النيل وإلى بغداد، فضمن قيمة البغل وسقط الكري، فلما رد البغل سليما وقبضته لم يلزمه الكري.
قال: فخرجنا من عنده وجعل صاحب البغل يسترجع، فرحمته مما أفتى به أبو حنيفة، وأعطيته شيئا وتحللت منه، وحججت تلك السنة.
فأخبرت أبا عبد الله عليه السلام بما أفتى به أبو حنيفة.
فقال عليه السلام: في مثل هذا القضاء وشبهه تحبس السماء ماءها وتمنع الأرض بركتها. قال: فقلت لأبي عبد الله عليه السلام فما ترى أنت؟
قال: أرى له عليك مثل كري البغل ذاهبا من الكوفة إلى النيل ومثل كري البغل من النيل إلى بغداد، ومثل كري البغل من بغداد إلى الكوفة، وتوفيه إياه.
قال: قلت: جعلت فداك، قد علفته بدراهم، فلي عليه علفه؟
قال عليه السلام: لا، لأنك غاصب. فقلت: أرأيت لو عطب البغل أو أنفق، أليس كان يلزمني؟
قال عليه السلام: نعم، قيمة بغل يوم خالفته.
قلت: فإن أصاب البغل كسر أو دبر أو عقر؟
فقال عليه السلام: عليك قيمة ما بين الصحة والعيب يوم ترده عليه.
قلت: فمن يعرف ذلك؟ قال عليه السلام: أنت وهو، إما أن يحلف هو على القيمة فيلزمك، فإن رد اليمين عليك فحلفت على القيمة لزمك ذلك، أو يأتي صاحب البغل بشهود يشهدون أن قيمة البغل حين اكتري كذا وكذا فيلزمك. (*)