وبه يتم معنى المعاقدة فإذا لم يكن هذا المعنى قائما في نفس أحدهما، أو قام ولم يكن قيامه معتبرا، لم يتحقق معنى المعاقدة.
____________________
الإصفهاني: وأما ما جعله قدس سره أصلا في المسألة من: (أن الموجب لو فسخ قبل القبول لغي الايجاب)، فهو باعتبار أن زوال الالتزام الصادر من الموجب، تارة يكون بالاختيار كما إذا رد الموجب قبل القبول وأبطله باختياره، وأخرى بلا اختيار كما إذا زال التزامه بجنونه أو بموته أو كان حدوثا كالعدم من حيث عدم اعتباره رضاه شرعا. وفيه: أن الفسخ موجب لحل الالتزام حقيقة فلا إيجاب بالفعل كي يلحقه القبول ويرتبط به كي يتحقق بينهما عقد بخلاف ما إذا مات بعد التزامه أو نام أو أغمي عليه بعده فإنها لا توجب انحلال الالتزام ولذا لا يشك في أن العهود والالتزامات لا تبطل بالموت فضلا عن النوم ولا فرق بين الموت والنوم بعد لحوق القبول وقبله، فإن مقولة الالتزام النفساني أو القرار العرفي العقلائي إذا كانت تزول بالموت والنوم فلا تبقى بلحوق التزام آخر مثله في بقائه حقيقة أو عرفا. بل الوجه ما ذكرنا: من أن المعاقدة مع الغير الذي له التزام باق في النفس لا يعقل إلا مع شعوره والتفاته فعلا إلى المعاقدة معه وإلا كان معاقدة مع من هو كالجدار في أفق المعاقدة وإن كان حيا شاعرا في أفق آخر كالميت المؤمن الكامل فإنه وإن كان حيا شاعرا ملتفتا إلى من يتكلم معه ويلتزم له إلا أن المدار في باب المعاهدات العرفية على المعاهدة بين الاثنين في هذه النشأة ومما ذكرنا ظهر أن استمرار الأهلية بين الايجاب والقبول غير لازم فإن مقوم المعاهدة مع الغير انتفائهما وشعورهما حال كون كل منهما معاقدا مع الآخر وقد عرفت أن النوم والاغماء فضلا عن غيرهما لا يوجب زوال الالتزام حتى يعتبر استمرار الأهلية لبقاء الالتزام. (ص 73) * (ص 293، ج 1)