وقال الباقون: الاعتبار بالأشبار: ثلاثة أشبار ونصف طولا في عرض وفي عمق، وهو مذهب جميع القميين، وأصحاب الحديث.
وقد تكلمت على هذه الروايات في الكتابين المقدم ذكرهما.
وقال الشافعي: إذا بلغ الماء قلتين فصاعدا، لا ينجس بما يقع فيه من النجاسة، إلا ما يغير أحد أوصافه، وحدهما بخمسمائة رطل. واختلف أصحابه، فمنهم من قال: إن ذلك الحد لو نقص منه رطل أو رطلان نجس، ومنهم من قال ذلك على التقريب، ولا يؤثر نقص رطل أو رطلين فيه.
ثم اختلفوا في هذا الماء إذا وقعت فيه نجاسة مائعة، هل يجوز استعمال جميعه أم لا؟ فقال الأكثر منهم: يجوز استعمال جميعه، وقال قوم منهم: إنه يجوز استعماله إلى أن يبقى منه مقدار النجاسة الواقعة فيه.
واعتبار القلتين مذهب عبد الله بن عباس وعبد الله بن عمر وأبي هريرة وسعيد بن جبير ومجاهد وأحمد وإسحاق وأبي عبيد القاسم بن سلام وأبي ثور.
وقال الحسن البصري وإبراهيم النخعي ومالك وداود: إنه لا ينجس الماء، سواء كان قليلا أو كثيرا، إلا إذا تغير أحد أوصافه.
وقال أبو حنيفة: إن كان الماء يصل بعضه إلى بعض تنجس بحصول النجاسة فيه، وإن كان لا يصل بعضه إلى بعض لم ينجس.
وفسر أبو يوسف والطحاوي مذهبه فقالا: إن كان الماء في موضع مجتمع بحيث إذا حرك أحد جانبيه تحرك الجانب الآخر، فإنه ينجس، وإن كان لا يتحرك الجانب الآخر، فإذا وقعت فيه النجاسة، فإن الموضع الذي لا يبلغ التحريك إليه، لا ينجس.
وقال المتأخرون من أصحابه: إن الاعتبار بحصول النجاسة في الماء، إما علما وإما ظنا، وإنما يعتبر تحرك الماء، ليغلب في الظن بلوع النجاسة إليه، فإن غلب في الظن خلافه، حكم بطهارته.
دليلنا: على اعتبار الكر، إجماع الطائفة، فإنه لا خلاف بينهم في ذلك،