وأما من به سلس البول فيجوز له أن يصلى بوضوء واحد صلوات كثيرة لأنه لا دليل على تجديد الوضوء عليه، وحمله على الاستحاضة قياس لا نقول به، وإنما يجب عليه أن يشد رأس الإحليل بقطن، ويجعله في كيس أو خرقة، ويحتاط في ذلك.
وإذا انقطع دم الاستحاضة في خلال الصلاة مضت في صلاتها ولم يلزمها الاستئناف، ولا إعادة عليها لأنه لا دليل عليه، وإذا كان دمها متصلا فتوضأت. ثم انقطع دمها قبل أن تدخل في الصلاة استأنفت الوضوء، وإن لم تفعل وصلت لم تصح صلاتها سواء عاد إليها الدم قبل الفراع أو بعد الفراع، وعلى كل حال، لأن دم الاستحاضة حدث فإذا انقطع وجب منه الوضوء.
وإذا توضأت المستحاضة قبل دخول الوقت لم يصح وضوءها، وإن توضأت بعد دخول الوقت وصلت عقيبه كانت صلاتها ماضية، وإذا توضأت في أول الوقت وصلت في آخر الوقت لم تصح صلاتها لأن المأخوذ عليها أن تتوضأ عند الصلاة، وذلك يقتضي أن يتعقب الصلاة الوضوء فلا يتأخر عنه على حال، وإذا توضأت المستحاضة للفرض جاز أن تصلي معه ما شاءت من النوافل لأنه لا مانع فيه.
والجرح الذي لا يندمل ولا ينقطع دمه معفو عنه، ولا يجب شده عند كل صلاة، وحمله على الاستحاضة قياس لا نقول به، وكذلك القول في سلس البول على ما قلناه.
فصل: في ذكر النفاس وأحكامه النفاس عبارة عن الدم الخارج من فرج المرأة عند الولادة، وهو مأخوذ من النفس الذي هو الدم، وكل دم يخرج قبل الولادة لا يكون نفاسا لأن ذلك لا يكون إلا مع الولادة أو بعده، وسواء كانت الولادة للتمام أو للنقصان أو للإسقاط، وإذا لم يكن نفاسا لا يكون أيضا حيضا لأنا قد بينا أن الحامل المستبين