الماء، وهذا قد مسح، فإن قيل: ولم يذكر المسح ببقية الندي، قلنا: نحن نحمل الآية على العموم، ونخصها بدليل إجماع الفرقة المحقة. وقد تكلمنا على الروايات المختلفة في ذلك، في الكتابين المقدم ذكرهما.
وروى بكير وزرارة عن أبي جعفر عليه السلام وأبي عبد الله عليه السلام أنهما حين وصفا وضوء رسول الله صلى الله عليه وآله، ذكرا في آخره أنه لم يستأنف لمسح الرأس والرجلين ماءا جديدا، وذلك نص.
وروى أبو عبيدة الحذاء قال: وضأت أبا جعفر عليه السلام بجمع وقد بال فناولته ماءا فاستنجى، ثم صببت عليه كفا فغسل به وجهه، وكفا فغسل به ذراعه الأيمن، وكفا فغسل به ذراعه الأيسر، ثم مسح بفضلة الندي رأسه ورجليه.
29: المسح ببعض الرأس هو الواجب، والأفضل ما يكون مقداره ثلاث أصابع مضمومة، ويجزئ مقدار إصبع واحد.
وقال مالك: يجب مسح الرأس كله، فإن ترك بعضه ناسيا لم يؤثر، وإن تركه غامدا، فإن كان الثلث فما دونه لم يؤثر، وإن كان أكثر من الثلث بطل وضوئه.
وقال الشافعي: ما يقع عليه اسم المسح يجزئ وبه قال الأوزاعي والثوري.
وقال أبو حنيفة في إحدى الروايتين: أنه يجب أن يمسح قدر ثلث الرأس بثلاثة أصابع. وفي الثانية: أنه يمسح ربع الرأس بثلاثة أصابع.
وقال زفر: يمسح ربع الرأس بإصبع واحد.
دليلنا: إجماع الفرقة، وأيضا قوله تعالى: وامسحوا برؤوسكم، وقد ثبت أن " الباء " تقتضي التبعيض، لأنه لا بد من أن يكون لدخولها في الكلام المفيد المستقل بنفسه فائدة، وليست فائدتها إلا التبعيض.
وأيضا روى زرارة وبكير ابنا أعين عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال في المسح: تمسح على النعلين ولا تدخل يدك تحت الشراك، وإذا مسحت بشئ