وشهد آخران أنه ولغ في الآخر، سقطت شهادتهما، وبقى الماء على أصل الطهارة.
وقال الشافعي: يحكم بنجاستهما لجواز أن يكونا صادقين اللهم إلا أن يشهد كل قوم منهم على وجه ينافي شهادة الآخر، فيكون القول فيه كالقول في تقابل البينتين، وفيه ثلاثة أقوال تذكر في باب البينات.
دليلنا: أن الماء على أصل الطهارة، وليس على وجوب القبول من الفريقين، ولا من واحد منهما دليل، فوجب طرحهما، وبقى الماء على أصل الطهارة.
مسألة 163: إذا كان مع غير البصير إناءان، وقع في أحدهما نجاسة واشتبها، وجب عليه إراقتهما ويتيمم.
ولأصحاب الشافعي فيه قولان: أحدهما مثل ما قلنا، والآخر: يتحرى، أو يرجع إلى قول بصير يخبره بذلك.
دليلنا: ما قلناه من أن البصير لا يجوز له التحري ولا الرجوع إلى غيره، فحكم الأعمى حكمه سواء.
مسألة 164: إذا حصلت النجاسة على الثوب، فإن تعين له الموضع، غسله بلا خلاف، وإن لم يتعين له غسل الثوب كله، وهو الظاهر من مذهب الشافعي وأصحابه.
وحكي عن بعضهم أنه قال: إذا حصلت النجاسة في الكم الواحد، واشتبه بالكم الآخر حل له التحري.
دليلنا: أن الثوب قد حكم بنجاسته، والمنع من الصلاة فيه، ولا يعلم طهارته إذا غسل أحد الكمين بالتحري، فوجب أن لا يعمل به.
وأيضا طريقة الاحتياط تقتضي ذلك، لأنه إذا فعل ما قلناه، علم أن الصلاة صحيحة، وإذا فعل ما قالوه، لم يدل على صحتها دليل.