على نفي العلم.
ولو تم هذا الاستظهار فقد يتعدى من مورد شك المدعى عليه إلى مورد علمه بنفي الواقع فيقال: إن هذا النص دل على كفاية دعوى نفي العلم والحلف عليه، واحتمال كون واقع علمه بالحال - ولو لم يدع العلم - مانعا عن كفاية الحلف على نفي العلم بصحة ما يقوله المدعي غير عرفي، فإن المقياس في باب القضاء يدور عادة على مقدار الدعاوى، وبإمكان أحدهما أن يقتصر في دعواه على أقل مما هو يعلم به، فإذا كان واقع العلم بالحال لا يمنع عن كفاية الحلف على نفي العلم بصحة ما يقوله المدعي، ففرض كون إبراز هذا العلم مانعا عن ذلك بعيد أيضا عن الفهم العرفي، فإن من ادعى شيئا بإمكانه أن يتنازل بعد ذلك عن جزء من دعواه، ويستبقي للمرافعة جزء من الدعوى، إذن فبإمكان هذا الرجل أن يغض النظر عن علمه بالواقع ويقتصر على الحلف على نفي علمه بصحة كلام المدعي.
نعم قد يقال: إن الحلف على نفي العلم لا يسقط حق المدعي في إقامة البينة قبل حكم الحاكم، لأن الدليل الذي دل على اسقاط حلف المدعى عليه لحق المدعي في إقامة البينة، إنما دل على ذلك في الحلف على نفي الواقع، وهو ما مضى قبل صفحات عن ابن أبي يعفور، ولكن مضى هناك: أنه قد يدعى أن الرواية تشير إلى اليمين التي تكون على المنكر، فلو ثبت أن المنكر يجوز له الاكتفاء باليمين على نفي العلم كانت هذه اليمين في جميع الأحكام كاليمين على نفي الواقع.
وعلى أي حال فأصل ما ذكرناه من الاستدلال بحديث أبي بصير على كفاية الحلف على نفي العلم غير صحيح بالنسبة للشاك فضلا عن مدعي العلم بالواقع، وذلك لأن الظاهر من حديث أبي بصير - كما مضى سابقا في بحث بينة المنكر - أنه نزل المتنازعان في مورد الحديث منزلة المتداعيين، وجعل الحلف في باب المتداعيين على أكثرهما بينة، فكأن المدعي الذي يمتلك بينة أكثر يكون قوله مطابقا للدليل