المطلقات بخصوص الدين، فعمدة روايات التقييد - وهي رواية أبي بصير التي بحثناها الآن - لا تدل على التقييد بذلك، إذ كما نحتمل أن يكون قوله (عليه السلام): " وذلك في الدين " بمعنى تقييد الحكم بالدين، كذلك نحتمل أن يكون إشارة إلى الواقعة الخارجية، لا لكي يطابق الجواب السؤال حتى يرد عليه ما ذكرناه، بل لأن نفس قوله (عليه السلام): " وذلك في الدين " بحد ذاته ليس له ظهور في التقييد، فكونه إشارة إلى الواقعة الخارجية معقول، أي أن ما صدر من رسول الله (صلى الله عليه وآله) كان في الدين - ولو صدفة -. نعم لا شك أن إلفات النظر - بعد أن بين حكم رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلى كون ذلك في الدين يفيد أن هذا الحكم غير ثابت في مطلق حقوق الناس، وإلا لم تكن هناك نكتة للاهتمام بإلفات النظر إلى كون حكم الرسول (صلى الله عليه وآله) في خصوص الدين، ولكن يكفي تجاوبا مع هذه النكتة فرض عدم ثبوت هذا الحكم في غير باب الأموال.
والجواب: أن التعبير في الرواية لو كان بلسان (قضى رسول الله (صلى الله عليه وآله)) كان حمله على الإشارة إلى الواقعة الخارجية معقولا - أي لم يكن خلاف الظاهر - ولكن بما أنه عبرت الرواية بعبارة: " كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقضي " فحمله على القضية الخارجية غير عرفي، فالظاهر إرادة بيان حكم عام على نهج القضية الحقيقية مع تخصيصه بباب الدين.
وبالإمكان أيضا الدفاع عن المشهور بعد فرض الأخذ بالمطلقات دون المقيدات بدعوى انصراف حقوق الناس إلى الحق المالي، أما الحق غير المالي كالزوجية والأمومة والبنوة والأبوة وما شابه ذلك فهي أشبه بالحكم الشرعي من الحق، أما الحق فمنصرف إلى المال.
ويرد عليه بعد منع هذا الانصراف: أنه لو تم لم يتم في مثل حق القصاص، فهو حق كحق المال، ولا يشبه الحكم.
ويتأكد منع الانصراف فيما مضى من حديث محمد بن مسلم عن أبي