فعليه الحلف كالمنكر، وهو طبعا يحلف على ما يدعيه، والذي يدعيه من بيده الدار في مورد الحديث هو أنه ورثه من أبيه، والظاهر من الحديث هو حلفه على إرثه من أبيه، ولا علاقة له بالحلف على نفي العلم، فالرواية أجنبية عن المقام.
وقد تحصل من كل ما ذكرناه: أن الحلف من قبل المنكر إنما يكون على نفي الواقع، لا على نفي العلم، وأنه لو جهل بالواقع لم يكن أمامه عدا رد الحلف على المدعي أو النكول.
نعم أبرأ المدعي ذمة المنكر على تقدير عدم كونه عالما أصبح حلف المنكر على عدم العلم هنا أمرا معقولا، فلو ادعى المدعي أن المنكر عالم بالدين كان له تحليفه على عدم العلم، ونفي العلم هذا مساوق لنفي الدين، إذ على تقدير عدم العلم قد أصبح غير مدين، ولا فرق في ذلك بين فرض جهل المنكر وفرض علمه بالخلاف، فما دام المدعي يدعي علمه بالدين - وأن الإبراء لم يؤثر لانتفاء موضوعه - صح له تحليفه على نفي العلم. أما إذا كان المدعي شاكا في علم المنكر وجهله فلا مورد لتحليفه إياه. نعم، لو فرض أنه بدلا عن الإبراء المقيد بفرض عدم العلم توافق مع المنكر على أنه لو حلف على عدم العلم أبرأ ذمته، فحلف على ذلك، ووفى المدعي بالشرط فأبرأ ذمته، فهذا يصح حتى مع فرض شك المدعي في علم المنكر، إلا أن هذا خارج عن باب القضاء، ويكون من قبيل ما لو توافقا على إطعام المنكر للمدعي وجبة من الطعام لقاء إبرائه إياه مثلا.
بقي الكلام في افتراض حلف المنكر - في فرض الجهل - على نفي الواقع اعتمادا على مالديه من حكم ظاهري، فهل يجوز له ذلك، ويكفي لحكم القاضي لصالحه أو لا؟
لا إشكال في أن مقتضى القاعدة حرمة الحلف على نفي الواقع لدى الجهل به، بل مقتضى القاعدة حرمة نفس الإخبار عن نفي الواقع بلا حلف