يفهم عرفا من دليل التحليف تحليفه على ما لا ينفعه أصلا، إذن فمقتضى القاعدة هو انحصار الحلف الذي يوجه إلى المدعى عليه في الحلف على نفي الواقع، فلو شك المدعى عليه في صحة دعوى المدعي يرد اليمين على المدعي أو ينكل.
هذا فيما إذا لم يخرجه شكه عن كون الأصل في صالحه كما هو الحال فيمن ادعي عليه الدين.
أما لو أخرجه شكه عن كون الأصل في صالحه، كما لو شك ذو اليد في أن هذا المال هل أخذه من بيت المدعي اشتباها أو هو له؟ وافترضنا أن أمارية اليد تسقط في مثل هذه الحالة، إذن يصبح مدعي الملكية مدعيا لا منكرا في قباله، وهذا يخرج عن باب النزاع المتعارف، فلو امتلك المدعي البينة أخذ المال، وإلا انتهى الأمر إلى القرعة دون قاعدة العدل والإنصاف بناء على اختصاص قاعدة العدل والإنصاف بفرض شكهما معا.
وقد يقال: إن المدعى عليه لو ادعى العلم بنفي الواقع حلف على نفي الواقع لا على نفي العلم بالواقع، وذلك تمسكا بمقتضى القاعدة الذي شرحناه، ولو ادعى الشك وعدم العلم حلف على عدم العلم، وهذا وإن كان خلاف القاعدة، لكننا نستفيده من النص، وهو عبارة عما ورد عن أبي بصير - بسند تام - قال: " سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن الرجل يأتي القوم، فيدعي دارا في أيديهم، ويقيم البينة، ويقيم الذي في يده الدار البينة أنه ورثها عن أبيه، ولا يدري كيف كان أمرها؟ قال: أكثرهم بينة يستحلف وتدفع إليه... " (1) فيقال: إن أكثرهم بينة فرض بمنزلة المنكر، ولو كان أكثرهم بينة هو الذي بيده الدار كان هو المنكر فيستحلف. ومن الواضح أنه لا يستحلف على نفي الواقع، لأنه اعترف بأنه لا يدري كيف كان أمرها، فهذا استحلاف