فإن قلت: إن النسبة بين ما دل على عدم نفوذ شهادة الفاسق وما دل على نفوذ شهادة الخير والصالح عموم من وجه، لأن الفاسق قد يكون خيرا وصالحا، كما إذا غلب عليه الخير والصلاح، وكان مبتلى بمعصية ما، وقد لا يكون خيرا، وقد لا يكون الخير فاسقا، فلماذا يقيد الثاني بالأول دون العكس؟
قلت: أولا - لو فرض التعارض والتساقط وصلت النوبة إلى أصالة عدم نفوذ شهادة غير العادل.
وثانيا - إن دليل عدم نفوذ شهادة الفاسق دل بالإطلاق على عدم نفوذ شهادته، وإن غلب عليه الخير والصلاح، بينما دليل شرط الخير والصلاح لم يدل على نفوذ شهادة المبتلى بفسق ما، إذا غلب عليه الصلاح والخير، وذلك لأننا لو سلمنا أن قوله (عليه السلام): " إذا كانوا صلحاء "، وقوله (عليه السلام) " إذا كان خيرا " لا يدل على شرطية عدم الفسق، فهو لا يدل على العكس، فإن كلمة الصالح والخير مشككة، واحتمال إرادة العادل منها وارد، فلا أقل من الإجمال. وكذلك الحال في قوله: " إذا علم منهما بعد ذلك خير، جازت شهادتهما " بعد وضوح عدم إرادة مجرد مسمى الخير الذي قد يصدر حتى ممن غلب عليه الفسق.
هذا. وذكر السيد الخوئي (1): أن بعض الروايات تدل على عدم اعتبار العدالة في الشاهد، ونفوذ شهادة المسلم وإن كان فاسقا، من قبيل ما عن حريز - بسند تام - عن أبي عبد الله (عليه السلام) في أربعة شهدوا على رجل محصن بالزنا، فعدل منهم اثنان، ولم يعدل الآخران، فقال: " إذا كانوا أربعة من المسلمين ليس يعرفون بشهادة الزور، أجيزت شهادتهم جميعا، وأقيم الحد على الذي شهدوا عليه، إنما عليهم أن يشهدوا بما أبصروا وعلموا، وعلى الولي أن يجيز شهادتهم، إلا أن يكونوا معروفين