فقد يحكم القاضي بوصفه وليا، أو وكيلا عن الولي - لو كانت وكالته شاملة لمثل المورد - بتجريد من يخاف منه القتل عن السلاح، خلافا لقانون تسلط الناس على أموالهم، رغم أنه ليس من المقطوع به إرادته لهذه الجريمة، وذلك لأهمية المحتمل، وقد يحكم بتطويقه حينما حصل له العلم بأنه يريد الظلم والضرب منعا له عن المنكر وحفظا للأمن، وليس هذا مشمولا لما مضى من عدم نفوذ علم القاضي عن حدس.
بل قد يقال في موارد القضاء أيضا: أن من حق ولي الأمر العمل بعلمه الحدسي، لا في أخذ الحق ممن عليه الحق لذي الحق، بل في تعزيره الذي هو راجع إلى حق الله.
بل قد يقال أيضا في موارد القضاء: إن من حق ولي الأمر إعمال الولاية بأخذ الحق بالقهر والغلبة ممن علم عن حدس أن عليه الحق، وإعطائه لمن علم أن له الحق، لا بالحكم كي يخالف عدم نفوذ علم القاضي، بل بالفعل والعمل بلا حكم. والأثر العملي للفرق بين هذا وبين الحكم، أنه لو حكم ثم خصم النزاع، لا يجوز للمحكوم عليه أن يخاصمه مرة أخرى لو أمكنه ذلك ولو قطع بأنه على حق، بينما لو لم يحكم - وإنما مارس أخذ الحق بالقهر والغلبة - جاز لمن يعتقد أنه قد ظلم المخاصمة مرة أخرى، أو التقاص لو أمكنه ذلك.
إلا أن الصحيح أن التفكيك بين الحكم وأخذ الحق بالقهر والغلبة بجواز الثاني دون الأول، وكذا التفكيك بين التعزير والحكم بجواز الأول دون الثاني غير عرفي.