التلامذة المباشرين لهؤلاء الثلاثة بإمكانهم اكتشاف ذلك عن ظاهر حالهم، والقرائن الموجودة في حياتهم وأحوالهم، وليس طريق الكشف منحصرا في تصريحهم (1).
أقول: لو كان طريق الكشف منحصرا في تصريحهم لدلت هذه الشهادة من قبل الشيخ على صدور تصريح بذلك من قبلهم، ولا دليل على ضرورة وصول ذلك إلينا بأكثر من هذا المقدار من الوصول. والواقع أن طريق الكشف ليس منحصرا في تصريحهم بذلك، بل بإمكان تلامذتهم أن يكتشفوا ذلك عن ظاهر حالهم واستقراء جملة من نقولهم وسنخ اهتماماتهم ونحو ذلك من القرائن، كما يكتشفون عدالتهم أو وثاقتهم بهذا الأسلوب، ومعنى شهادة الشيخ بأنهم عرفوا بأنهم لا يروون ولا يرسلون إلا عن ثقة هو الشهادة بأن الأصحاب كانوا يعتقدون بأن ظاهر حال هؤلاء - لو لم يكن تصريح منهم - كان بنحو يورث نقلهم عن أحد الاطمئنان للإنسان المتعارف المطلع على حالهم بأنه ثقة عند الناقل، وهذا كاف في ثبوت وثاقته عندنا، لأنه إخبار من قبل الشيخ الثقة عن الأصحاب الثقات إما بوثاقة من يروي عنه هؤلاء الثلاثة في اعتقاد هؤلاء الثلاثة وهو إخبار بما يقرب من الحس، وإما بأمر حسي (وهو ظهور حالهم) ملازم - ملازمة عادية بقدر إفادة الاطمئنان - لكون المروي عنه ثقة عند أحد هؤلاء الثلاثة الثقات، وملازمات الأمارة حجة، فكأننا اطمئننا بإخبار أحد هؤلاء الثلاثة بوثاقة المروي عنه.
أما لو استظهرنا أن هذه المعروفية لو كانت سوف لن تخفى على نفس هؤلاء الثلاثة، إذن فهذا يعني أن هؤلاء الثلاثة كانوا يعلمون بأنهم حينما ينقلون عن أحد فالناس سوف يفترضون وثاقة المروي عنه، وحينئذ سيكون سكوتهم عن قدح المروي عنه شهادة من قبلهم بوثاقته، فتتأكد بذلك دلالة نقلهم عنه على وثاقته.