حجية خبر الثقة - إذ معناها نفي الكذب ونفي الاشتباه - لا تجري في المقام بعد ما رأيناه في أخبار ابن أبي عمير مثلا المسندة من أنه روى أحيانا عن فلان الضعيف، إذ لو كان قد اعتقد اشتباها بوثاقة فلان، وكان الشخص المحذوف في الرواية المرسلة عبارة عن نفس هذا الشخص الضعيف لم يكن هذا اشتباها جديدا ينفى بأصالة عدم الاشتباه (1).
والجواب على ذلك هو ما جاء أصله في نفس الكلام الذي نقله الشيخ عرفانيان عن أستاذنا الشهيد (رحمه الله) نذكره هنا مع قليل من الفرق، وهو أن ندرة مشاهدتنا لرواية ابن أبي عمير مثلا عمن وصلنا تضعيفه تجعلنا نطمئن في كل رواية مرسلة له بأنها ليست عن أولئك الذين وصلنا تضعيفهم، فمثلا حينما لم نر في مشايخه من وصلنا تضعيفه إلا بمقدار واحد من المائة أو اثنين من المائة أصبح احتمال كون هذه الرواية المرسلة مروية عن ذاك عبارة عن واحد أو اثنين من المائة، بل سيكون أقل من ذاك:
أولا - لاحتمال كونها مروية عن إنسان آخر غير أولئك المشايخ الذين عرفناهم، ولم يصلنا طبعا تضعيف ذاك الإنسان المجهول اسمه لدينا.
وثانيا - لأن احتمال كون المحذوف هو أحد الأشخاص الذين كثرت روايات ابن أبي عمير عنهم - وهم جملة من الثقات - أقوى من احتمال كونه هو ذاك الضعيف الذي قلت رواية ابن أبي عمير عنه.
وهذا الجواب يصلح جوابا للوجه الأول من الإشكال أيضا.
إلا أن أستاذنا الشهيد (رحمه الله) حسب نقل الشيخ عرفانيان أورد على ذلك: بأن هذا الجواب إنما يتم لو لم يكن هناك مقو لاحتمال كون هذه الرواية المرسلة مروية عن ذاك الضعيف يجعله أقوى من سائر البدائل المحتملة مما قد يخل بحصول