وقد وصلنا من مجموع الأصناف الثلاثة من الكتب عدد معتد به، لئن فرضت صحة استبعاد ذلك بالنسبة لنقل التسوية، فمن الواضح عدم صحته بالنسبة لإخبار الشيخ (رحمه الله) عن أنهم عرفوا بأنهم لا يروون ولا يرسلون إلا عمن يوثق به. والحاصل أنه قد جاء في كلمات الشيخ التي نقلناها تعبيران: أحدهما التعبير بالتسوية بين مراسيل هؤلاء والمسانيد، والآخر التعبير بأنهم عرفوا بعدم النقل عن غير الثقات، فلئن شككنا في الأول فالتشكيك في الثاني أوضح بطلانا، لأن معروفية عدم نقلهم عن غير الثقات إنما يترقب ذكرها في كتب الرجال فحسب سنخ التوثيق والتضعيف، أي لا استغراب في عدم ذكر ذلك في كتب الفقه والأصول، وكتب الرجال الواصلة بأيدينا ليست في الكثرة بمثابة نستبعد معها عدم وصول ذلك إلينا عن غير كتاب العدة، فلعل هذا سنخ الإجماع على تصحيح ما يصح عن جماعة الذي انحصر مدركه الأصلي لدنيا في نقل الكشي، أو سنخ ما جاء في عدة الشيخ الطوسي من معروفية السكوني بالوثاقة، بينما لم نر من ذلك عينا ولا أثرا في كتب الرجال، والتفكيك بين الأمرين - أعني معروفية هؤلاء بأنهم لا يروون، ولا يرسلون إلا عن ثقة، والتسوية بين مراسيلهم ومسانيد الآخرين - أمر معقول، إذ قد يسلم شخص بالأول، ولكنه لا يسلم بالتسوية على أساس دعوى أنه عند الإرسال نبقى نحتمل أن واقع من أرسل عنه لعله مجروح من قبل آخرين، ولعل واقع من أرسل عنه نعلم بعدم وثاقته، والعام المفهوم من قاعدة: (لا يروون، ولا يرسلون إلا عن ثقة) ساقط عن الحجية بهذا المقدار، فالتمسك به تمسك بالعام في الشبهة المصداقية، ولا أقصد الآن البحث عن مدى صحة هذا الإشكال، وإنما مقصودي أن التفكيك بين الأمرين أمر معقول:
وبما ذكرنا ظهر الجواب على استشهاد السيد الخوئي لكون مدعى الشيخ بشأن الثلاثة مأخوذا من نقل الكشي الإجماع على تصحيح ما يصح عن جماعة بأنه