إلا أن هذا الكلام غير صحيح:
أولا - لعدم تسليم كون الحكم هنا بمعنى مطلق الولاية، بل مقتضى ظاهر السياق هو النظر إلى الحكم بمعنى القضاء.
وثانيا - لأنه لو فرض كون المقصود مطلق الولاية فهذا الحكم المطلق جاء في التعليل الموجود في ذيل الرواية، وما قبل هذا التعليل كلام تام دال على جعل منصب القضاء للفقيه، ولكونه في مقام التحديد قد دل على عدم جعله لغير الفقيه.
وعلى أي حال فحتى لو افترضنا أن المقبولة كالتوقيع في عدم معارضتها لما يدل على عدم اشتراط الفقاهة - لو ورد - فهذا الفرض لا أثر عملي له لو لم يثبت ورود ما يدل على عدم اشتراط الفقاهة، لأن المقبولة والتوقيع على أي حال لم يدلا على أكثر من نصب الفقيه، فنصب غير الفقيه بحاجة إلى دليل، وهو مفقود.
إلا أن صاحب الجواهر حاول إبراز أدلة على عدم اشتراط الفقاهة، فاستشهد بأدلة ضرورة كون الحكم حكما بالعدل بدعوى أن إطلاقها ينفي اشتراط الفقاهة (1)، وذلك من قبيل قوله - تعالى -: * (وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل) * (2) بينما من الواضح أن هذه الأدلة إنما هي بصدد بيان ما ينبغي أن يحكم به لا بصدد بيان من له حق الحكم.
ولعل أقوى هذه النصوص دلالة على مطلوبه (رحمه الله) هو رواية (القضاة أربعة) التي مضت آنفا، وذكرها (رحمه الله) هنا بهذا الصدد، فقد يقال: إنها قد تدل بإطلاقها على المقصود حيث جاء في ذيلها: " ورجل قضى بالحق وهو يعلم فهو في الجنة " فقد يقال: إن قوله (عليه السلام): " فهو في الجنة " يدل بالإطلاق على أنه في الجنة سواء كان علمه