وأورد أستاذنا الشهيد (رحمه الله) (1) على رادعية هذا الحديث بوجهين (2):
أحدهما - أن رواية واحدة لا تكفي لإثبات الردع، لأن مستوى الردع يجب أن يتناسب مع درجة قوة السيرة وترسخها، ومثل هذه السيرة على العمل بخبر الثقة لو كان الشارع قاصدا ردعها لأصدر بيانات كثيرة، ولوصلتنا منها نصوص عديدة، كما حدث بالنسبة للقياس، ولما اكتفى بإطلاق خبر من هذا القبيل.
والثاني - أن الرواية ضعيفة السند. وأورد أستاذنا الشهيد (رحمه الله) (3) على الإشكال بضعف سند الرواية بأن احتمال صدقها يوجب على الأقل احتمال الردع، وهو كاف لإسقاط السيرة عن الحجية.
وأجاب - رضوان الله عليه - على ذلك (4) بأن عدم الردع قبل الإمام الصادق (عليه السلام) في صدر الإسلام محرز، لعدم نقل ما يدل على الردع، ويكشف ذلك عن الإمضاء حدوثا، فإذا أوجب خبر مسعدة الشك في نسخ ذلك الإمضاء جرى استصحاب الإمضاء.
أقول: إن هذا الكلام يمكن أن يورد عليه: بأن ما يظهر من هذا الكلام من أن عدم وصول الردع عما قبل الإمام الصادق (عليه السلام) دليل الإمضاء غير صحيح، لأنه أساسا النصوص الواصلة في الأحكام قبل الإمام الصادق (عليه السلام) قليلة، فلعل هذا من جملة الأحكام التي لم تصلنا عما قبل الإمام الصادق (عليه السلام).
إلا أن يفترض أن رسوخ السيرة يكون بنحو لو كانت مردوعة لوصل الردع